الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: توحيد الأسماء والصفات:
صفة الرحمة:
الرياح من المبشرات برحمة الله، وهي كذلك تسير الفلك وهذا من رحمة الله
(1)
(2)
.
(3)
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب فلا تسبوها، وسلوا الله من خيرها وتعوذوا به من شرها"
(4)
.
والروح"بفتح الراء بمعنى الرحمة كما في قوله تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}
(5)
، أي يرسلها الله تعالى من رحمته لعباده"
(6)
.
ثالثاً: توحيد الألوهية:
من منهج القرآن الكريم في تقرير توحيد الألوهية الاستدلال عليه
(1)
انظر: تفسير ابن كثير: 6/ 321.
(2)
الروم: 46.
(3)
الفرقان: 48 - 50.
(4)
سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب ما يقول إذا هاجت الريح: 550 برقم (5097)، والمسند: 13/ 69 برقم (7631)، وقال محققه:"صحيح لغيره"، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 3/ 960.
(5)
يوسف: 87.
(6)
عون المعبود شرح سنن أبي داود: 14/ 3.
بالربوبية؛ فإن الإقرار بتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، ومن ذلك الاستدلال على المشركين الذين يقرون بأن الله عز وجل هو الخالق المتصرف في الكون على إفراد الله بتوحيد العبادة، والإخلاص في جميع الأحوال.
(1)
.
فالمشركون يتركون ما كانوا يعبدون من دون الله لعلمهم أنهم ضعفاء عاجزون عن كشف الضر، ويصرخون بدعوة فاطر الأرض والسماوات -الذي تستغيث به في شدائدها جميع المخلوقات- وأخلصوا له الدعاء والتضرع في هذه الحال
(2)
، فإذا كان الله عز وجل هو الذي يفعل ذلك وحده، وهو الذي يخلصهم من شر هذه الريح؛ فهو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له، وأن تجعل جميع العبادات له وحده، وأن غيره مما عبد من دون الله فألوهيته باطلة
(3)
.
ولذلك يشرع للمسلم إذا عصفت الريح أن يقول ما حدثت به عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: "اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به"
(4)
.
(1)
يونس: 22.
(2)
تفسير السعدي: 463.
(3)
انظر: تفسير القرطبي: 8/ 325، وتفسير السعدي: 414، 463.
(4)
صحيح مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر: 2/ 616 برقم (899).
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله عند شدة الريح، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: بينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والآبواء؛ إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بـ:{أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}
(1)
، و {أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}
(2)
، ويقول:" يا عقبة! تعؤذ بهما؛ فما تعوذ متعوذ بمثلهما! ". قال: وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة
(3)
.
ومن الدلائل السماوية على ألوهية الله أن الله عز وجل يرسل الرياح بين يدي السحاب الذي فيه مطر، يغيث به عباده المجدبين الأزلين القنطين، قال تعالى:{أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ، ثم قال تعالى:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}
(4)
أي أإله مع الله فعل هذا، فيستحق أن يعبد! . فإذا كان الله هو الذي يفعل هذا الأمر وحده إذا فهو المستحق للعبادة وحده
(5)
.
وقد ذكر الله عز وجل من الأدلة على تفرده بالإلهية تفرده بالخلق والملك والتصرف، ومما ذكر سبحانه وتعالى تصريف الرياح، تارة تأتي بالرحمة وتارة تأتي بالعذاب، تارة تأتي مبشرة بين يدي السحاب، وتارة تسوقه، وتارة تجمعه، وتارة تفرقه، وتارة تصرفه، ثم تارة تأتي من الجنوب، وتارة من الشمال، وتارة من الشرق، وتارة من الغرب
(6)
، قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ
(1)
الفلق: 1.
(2)
الناس: 1.
(3)
سنن أبي داود، كتاب الوتر، باب في المعوذتين: 176 برقم (1463)، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود: 1/ 275.
(4)
النمل: 63.
(5)
انظر: تفسير ابن كثير: 6/ 206.
(6)
انظر: المرجع السابق: 1/ 475.