الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس الحياة والموت
الحياة والموت في اللغة:
الحياة نقيض الموت كُتِبَتْ في المصحف بالواو ليعلم أَن الواو بعد الياء في حَدِّ الجمع وقيل على تفخيم الأَلف.
وحَيَّ يَحْيَا ويَحَيّ فهو حَيٌّ، وللجميع حَيُّوا بالتشديد، ولغة أُخرى حَيَّ، وللجميع حَيُوا خفيفة
والموت: الميم والواو والتاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَهاب القُوّة من الشيء. منه المَوْتُ: خلاف الحياة، وقد مات يموت ويمات أيضاً.
ورجل مَيِّتٌّ ومَيْتٌ، وقيل المَيْتُ الذي ماتَ، والمَيِّتُ والمائِتُ الذي لم يَمُتْ بَعْد، وقومٌ مَوتى وأَمواتٌ ومَيِّتُون ومَيْتون، والأُنثى مَيِّتة ومَيْتَة ومَيْتٌ والجمع كالجمع
(1)
.
وفي الاصطلاح:
الحياة. يواجه معظم الناس بعض الصعوبات، في التمييز بين الكائنات الحية
(1)
انظر: معجم مقاييس اللغة: 5/ 283، لسان العرب: 2/ 1075، 6/ 4494، الصحاح: 2/ 288، 7/ 173.
والجماد، ويعد الناس الأشياء كائنات حية إذا كان لديها القدرة على القيام ببعض الأنشطة مثل النمو والتكاثر
…
أما علماء الأحياء فيجدون صعوبات شديدة في تعريف الحياة، على الرغم من معرفتهم الواسعة بالأحياء. وتكمن هذه الصعوبة في تحديد الخط الفاصل بين الكائنات الحية والجماد. فالفيروس على سبيل المثال، يعد جسيما بدون حياة وهو خارج الخلية الحية، ولكنه يكون أكثر نشاطا ويتكاثر بسرعة داخل الخلية الحية. وبدلا من إيجاد التعريف الدقيق للحياة، ركز علماء الأحياء بعمق على فهم الحياة عن طريق دراسة الكائنات الحية نفسها. ويطلق على العلم الذي يهتم بدراسة الحياة اسم علم الأحياء
(1)
.
أما الموت فهو خروج الروح إلى بارئها، حيث ينتقل الشخص بعد ذلك إلى حياة برزخية ثم تقوم قيامته؛ وهو نهاية الحياة؛ فكل شيء حي نهايته الموت، ولكن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يستطيع أن يدرك الموت ويتخيله.
أما الأوجه الطبية للموت: فقد لاحظ العلماء ثلاثة أنواع للموت. وهذه الأنواع هي: البلى الفيزيولوجي، والنخر، والموت الجسدي.
والبلى الفيزيولوجي أو البلي الوظيفي: هو استمرار موت وتجدد الخلايا كل على حده أثناء الحياة. فباستثناء الخلايا العصبية فإن كل خلايا الكائن يستمر تجددها بمعدل ثابت. وعلى سبيل المثال، تتكون خلايا الجلد الجديدة تحت السطح لأن الخلايا القديمة تموت وتزول.
ويعني النخر: موت الأنسجة أو حتى العضو كله. فأثناء النوبة القلبية، على سبيل المثال، يوقف تجلط الدم وصوله إلى جزء من القلب، فيموت الجزء المتأثر، ولكن الكائن الحي يستمر في الحياة ما لم يكن التلف شديدا.
والموت الجسدي، نهاية كل عمليات الحياة في الكائن. فالشخص الذي يتوقف قلبه ورئتاه عن العمل قد يعتبر ميتا سريريا، ولكن الموت الجسدي ربما لا يكون قد حدث بعد؛ لأن الخلايا المنفردة تستمر في الحياة لعدة
(1)
انظر: الموسوعة العربية العالمية: 9/ 593.
دقائق. وقد يعود الشخص إلى الحياة مرة أخرى إذا عاود القلب والرئتان العمل مرة ثانية، وأعطيت الخلايا حاجتها من الأكسجين. وبعد حوالي ثلاث دقائق تبدأ خلايا الدماغ وهي الأكثر حساسية لنقص الأكسجين في الموت، وغالباً ما يتبعها موت الإنسان في الحال، وتستحيل إعادة الحياة إلى جسده. وتدريجيا تبدأ خلايا الجسم الأخرى كذلك في الموت. وآخر ما يموت خلايا العظم والشعر والجلد التي قد تستمر في النمو لعدة ساعات
(1)
.
وقد ورد لفظ الحياة في القرآن في (71) مواضعاً
(2)
، وورد لفظ الموت في (35) موضعا
(3)
.
وذكر أهل التفسير أن الحياة في القرآن على خمسة أوجه
(4)
: -
أحدها: نفخ الروح في الحيوان بالخلق الأول، ومنه قوله تعالى في سورة البقرة:{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ}
(5)
أي: نطفا فنفخ فيها الروح. وقال تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}
(6)
، وقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ}
(7)
، وقوله تعالى:{وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}
(8)
، وقوله تعالى:{قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ}
(9)
.
(1)
انظر: المصدر السابق: 24/ 358، بتصرف يسير.
(2)
انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: 283 - 286.
(3)
انظر: المصدر السابق: 851 - 854.
(4)
نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر: 253، وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزير: 2/ 512.
(5)
البقرة: 28.
(6)
آل عمران: 27.
(7)
الحج: 66.
(8)
غافر: 11.
(9)
الجاثية: 26.
والثاني: إحياء الموتى بعد خروج الأرواح منهم، ومنه قوله تعالى:{وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ}
(1)
، وقوله تعالى:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}
(2)
.
والثالث: الهدى، ومنه قوله تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}
(3)
، وقوله تعالى:{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا}
(4)
، وقوله تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ}
(5)
.
والرابع: البقاء، ومنه قوله تعالى:{وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}
(6)
، وقوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}
(7)
، وقوله تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}
(8)
.
والخامس: حياة الأرض بالنبات، ومنه قوله تعالى:{فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ}
(9)
.
أما الموت فقد ذكر بعض المفسرين أنه في القرآن على سبعة أوجه
(10)
: -
أحدها: الموت نفسه. ومنه قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}
(11)
،
(1)
آل عمران: 49.
(2)
القيامة: 40.
(3)
الأنعام: 122.
(4)
يس: 70.
(5)
فاطر: 22.
(6)
البقرة: 49.
(7)
البقرة: 179.
(8)
المائدة: 32.
(9)
فاطر: 9.
(10)
نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر: 571، وبصائر ذوي التمييز: 4/ 536.
(11)
آل عمران: 185.
وقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}
(1)
، وقوله تعالى:{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ}
(2)
.
والثاني: النطفة. ومنه قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ}
(3)
، وقوله تعالى:{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}
(4)
، فالموتة الأولى كونهم نطفا.
والثالث: الضلال. ومنه قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}
(5)
، وقوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}
(6)
، وقوله تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ}
(7)
.
والرابع: الجدب. ومنه قوله تعالى: {فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}
(8)
، وقوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا}
(9)
، وقوله تعالى:{فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا}
(10)
، وكل بلد ميت في القرآن فالمراد به الأرض المجدبة.
والخامس: الحرب. ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ}
(11)
.
(1)
الزمر: 30.
(2)
الجمعة: 8.
(3)
البقرة: 28.
(4)
غافر: 11.
(5)
الأنعام: 122.
(6)
النمل: 80.
(7)
فاطر: 22.
(8)
فاطر: 9.
(9)
يس: 33.
(10)
الزخرف: 11.
(11)
آل عمران: 143.
والسادس: الجماد. ومنه قوله تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ}
(1)
، يعني الأوثان.
والسابع: الكفر. ومنه قوله تعالى: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}
(2)
، فالميت ها هنا الكافر.
(1)
النحل: 21.
(2)
آل عمران: 27.