الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
(1)
.
وقيل هذا مثل ضربه الله لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في أنهم يكونون قليلاً ثم يكثرون ويزدادون
(2)
.
وقيل: إن الصحابة"كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه، كالزرع الذي أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ"
(3)
.
عاشراً: منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال:
ضرب الأمثال:
من منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال ضرب الأمثال للتوضيح والتقريب، وقد ضرب الله عز وجل مثلاً للذين ينفقون أموالهم في سبيل الله وبيان شرف هذه النفقة كمثل حبة أنبتت سبع سنابل، فقال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
(4)
.
"وهذا إحضار لصورة المضاعفة بهذا المثل، الذي كأن العبد يشاهده ببصره فيشاهد هذه المضاعفة ببصيرته، فيقوى شاهد الإيمان مع شاهد العيان، فتنقاد النفس مذعنة للإنفاق سامحة بها مؤملة لهذه المضاعفة الجزيلة والمنة الجليلة"
(5)
.
(1)
الفتح: 29.
(2)
انظر: تفسير القرطبي: 16/ 295، وتفسير ابن كثير: 7/ 362.
(3)
تفسير السعدي: 795.
(4)
البقرة: 261.
(5)
تفسير السعدي: 112، وانظر: تفسير القرطبي: 3/ 303.
وضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً للحياة الدنيا وزينتها وسرعة انقضائها وزوالها، بالنبات الذي أخرجه الله من الأرض من زرع وثمار، على اختلاف أنواعها وأصنافها، ثم أصبح هشيماً تذروه الرياح
(1)
(2)
.
(3)
.
وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً في بيان حال المؤمن الذي يقرأ القرآن، والذي لا يقرأ القرآن، والمنافق الذي يقرأ القرآن والذي لا يقرأ القرآن ببعض النباتات وذلك للتوضيح والتفريق بين حالهم
(4)
، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر"
(5)
.
(1)
انظر: تفسير ابن كثير: 4/ 260.
(2)
الكهف: 45.
(3)
يونس: 24 - 25.
(4)
انظر: شرح النووي على مسلم: 6/ 84، وفتح الباري: 1/ 147 ..
(5)
سبق تخريجه: 524.
"فهذه أمثال ضربها الرسول صلى الله عليه وسلم لبيان تفاوت الناس في هذه الأمور، وأن من كان عنده القرآن فإنه جمع بين خصلتين محمودتين: إيمان وقراءة القرآن، وشبهه بالأترجة التي طعمها حلو، وريحها طيب، وشبه المؤمن الذي لا يقرأ القرآن بالتمرة التي طعمها طيب ولكن لا ريح لها، والفاجر الذي لا يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب، ولكن طعمها مر، والفاجر الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها"
(1)
.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه المسلم بالنخلة في "كثرة خيرها، ودوام ظلها، وطيب ثمرها، ووجوده على الدوام، فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس، وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة، ومن خشبها وورقها وأغصانها فيستعمل جذوعا وحطبا وعصيا ومخاصر وحصرا وحبالا وأوانى وغير ذلك، ثم آخر شيء منها نواها وينتفع به علفا للابل، ثم جمال نباتها وحسن هيئة ثمرها، فهي منافع كلها، وخير وجمال، كما أن المؤمن خير كله، من كثرة طاعاته، ومكارم أخلاقه، ويواظب على صلاته وصيامه وقراءته وذكره، والصدقة والصلة وسائر الطاعات وغير ذلك"
(2)
.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي.
قال عبدالله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله، قال: فقال هي النخلة، قال: فذكرت ذلك لعمر، قال: لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي من كذا وكذا"
(3)
.
(1)
شرح سنن أبي داود للشيخ عبدالمحسن العباد، مطبوع على الحاسب الآلي: 1/ 2.
(2)
شرح النووي على مسلم 17/ 154.
(3)
صحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب مثل المؤمن كالنخلة: 4/ 2164، برقم (2811).