الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} أي من إعياء ولا نصب ولا تعب، كما قال في الآية الأخرى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
(1)
، وقال تعالى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
(2)
.
سادساً: اعتقاد أن الله في جوف السماء:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية اعتقاد أن الله في جوف السماء، وأن قوله {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}
(3)
يقتضي أن يكون الله في جوف الأفلاك، ونحو ذلك، وظن أن هذه المعاني الفاسدة هي ظاهر القرآن، وأن مسماها ظاهره وحقيقته.
والجواب عن هذا أن السلف رحمهم الله لم يعتقدوا أن هذا المعنى الفاسد ظاهر هذه النصوص، ولا أنها تدل على ذلك.
"وقد أخبر الله عز وجل في القرآن أنه استوى على العرش، وأن كرسيه وسع السماوات والأرض، وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، وأخبر بعلوه في غير موضع من كتابه، وهذه كلها نصوص تنفي أن تكون صفاته تشبه صفات خلقه، أو يكون حالا في المخلوقات، وأخبر بقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}
(4)
، وبقوله:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}
(5)
ونحو ذلك أن يماثله العباد في صفاتهم، فتكون صفاته
(1)
الأحقاف: 33.
(2)
غافر: 57.
(3)
الملك: 16.
(4)
الشورى: 11.
(5)
الإخلاص: 4.
كصفات خلقه"
(1)
.
فهو سبحانه وتعالى قد قال في كتابه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}
(2)
.
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للجارية: "أين الله؟ ، قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة"
(3)
.
قال مالك بن أنس رحمه الله: إن الله في السماء، وعلمه في كل مكان
(4)
.
وقيل لعبد الله بن المبارك رحمه الله: بماذا نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه
(5)
.
وقال أحمد بن حنبل رحمه الله كما قال هذا وهذا
(6)
.
وعلى هذا فالمراد بفي"إما أن تكون بمعنى "على"، كما في قوله:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}
(7)
أي على جذوع النخل، وكقوله:{فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}
(8)
أي عليها، فالمعنى أأمنتم من على السماء.
(1)
مسألة في تأويل الآيات وإمرار الصفات كما جاءت لشيخ الإسلام ابن تيمية ضمن جامع المسائل، تحقيق: محمد عزير شمس، دار عالم الفوائد، مكة، ط 1: 3/ 172 - 174.
(2)
الملك: 16 - 17.
(3)
سبق تخريجه: 201.
(4)
كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، تحقيق: محمد بن سعيد القحطاني، دار عالم الكتب، الرياض، ط 4: 107، ومسائل الإمام أحمد برواية أبي داود، تحقيق: طارق عوض الله، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط 1: 353 برقم (1699).
(5)
الرد على الجهمية لأبي سعيد عثمان الدارمي، تحقيق: بدر البدر، دار ابن الأثير، الكويت، ط 2: 47 برقم (67)، والسنة لعبد الله بن الإمام أحمد:111.
(6)
انظر: درء التعارض: 2/ 34.
(7)
طه: 71.
(8)
آل عمران: 137.