الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الجمهور: يلجأ إلى الجمع والتوفيق بين الأحاديث؛ لأنه لا يلجأ إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع بين الأدلة، وأما ادعاء التخصيص فلا دليل عليه.
فمن لم تبلغه الدعوة يجب دعاؤه إلى الإسلام، فإذا بلغته استحب ذلك (1).
وعلى هذا، يجوز أن نبدأ العدو بالقتال والإغارة والبيات عليهم (2)؛ لأنه قد وصلتهم أنباء الدعوة الإسلامية. وبه يتبين أنه يشترط فيمن نقاتلهم شرطين:
1 -
ألا يكونوا مستأمنين أو معاهدين أو من أهل الذمة: لأن دماء هؤلاء معصومة مصونة، وقد حرم الشرع قتلهم، كما يأتي في المعاهدات.
2ً - إبلاغهم الدعوة الإسلامية وتعريفهم بالإسلام وبيان حقيقته وأهدافه وأسباب جهاد أعدائه. فإن توافر هذان الشرطان جاز قتالهم من دون إنذار سابق كما تقدم.
من يقتل ومن لا يقتل من الأعداء في المعركة:
يجوز قتل المقاتلة الذين يشتركون في الحرب برأي أو تدبير أو قتال، ولا يجوز قتل غير المقاتلة من امرأة أو صبي أو مجنون أو شيخ هرم، أو مريض مقعد، أو أشل، أو أعمى، أو مقطوع اليد والرجل من خلاف أو مقطوع اليد اليمنى، أو معتوه، أو راهب في صومعته، أو قوم في دار أو كنيسة ترهبوا، والعَجَزة عن القتال، والفلاحين في حرثهم إلا إذا قاتلوا بقول أو فعل أو رأي أو إمداد بمال، بدليل أن ربيعة بن رفيع السُّلَمي أدرك دريد بن الصِّمة يوم حنين، فقتله وهو شيخ كبير جاوز المئة، لا ينتفع إلا برأيه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه (3). ويجوز قتل المرأة إذا كانت مَلِكة
(1) آثار الحرب: ص 153 وما بعدها.
(2)
البيات ـ بفتحتين: الإغارة ليلاً، يقال: بيَّت الأمر: دبره ليلاً.
(3)
روي ذلك في الصحيحين عن أبي موسى (نيل الأوطار: 248/ 7).
الأعداء؛ لأن في قتلها تفريقاً لجمعهم، وكذلك إذا كان ملكهم صبياً صغيراً وأحضروه معهم في المعركة، لا بأس بقتله إذا كان في قتله تفريق جمعهم.
وأما أدلة عدم جواز قتلهم إذا لم يقاتلوا: فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتلوا امرأة ولا وليداً» (1) وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن قتل النساء والصبيان» (2). وقال لأحد صحابته: الحق خالداً فقل له: «لا تقتلوا ذرّية ولا عسيفاً» (3). وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيوشه قال: «لا تقتلوا أصحاب الصوامع» (4). وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انطلقوا باسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلُّوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» (5).
هذا في حال الحرب والقتال. أما بعد انتهاء القتال وهو ما بعد الأسر والأخذ: فكل من لا يحل قتله في حال القتال لا يحل قتله بعد الفراغ من القتال، وكل من يحل قتله في حال القتال إذا قاتل يباح قتله بعد الأخذ والأسر إلا الصبي
(1) رواه الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن عباس ولفظه: « .. ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا شيخاً» (راجع مجمع الزوائد: 316/ 5).
(2)
رواه الجماعة إلا النسائي عن ابن عمر أنه قال: «وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم، فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان» . ورواه الموطأ أيضاً، وفي رواية لأحمد وأبي داود:«ما كانت هذه لتقاتل» (راجع القسطلاني شرح البخاري: 142/ 5، سنن ابن ماجه: 101/ 2، منتخب كنز العمال من مسند أحمد: 319/ 2، نيل الأوطار: 246/ 7، جامع الأصول: 208/ 3 ومابعدها، نصب الراية: 386/ 3، مجمع الزوائد: 315/ 5).
(3)
رواه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي عن رباح بن ربيع (نيل الأوطار، المرجع السابق، جامع الأصول، المرجع السابق، مجمع الزوائد: ص 316، نصب الراية: ص 388) والذرية: الولدان. والعسيف: الأجير.
(4)
أخرجه أحمد عن ابن عباس (نيل الأوطار، المرجع السابق: ص 247).
(5)
أخرجه أبو داود عن أنس (نيل الأوطار، المرجع السابق، ص 246، سنن أبي داود: 52/ 3، والمراجع السابقة).