الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأكلها فيتركون وما يدينون بدون تظاهر. ولكن لا يجوز لهم إحداث بِيعة ولا كنيسة (1) ولا صومعة ولا بيت نار ولا مقبرة في دار الإسلام (2). ولهم فقط ترميم أماكن عبادتهم هذه.
آراء الفقهاء في مقدار الجزية ووقت أدائها ومسقطاتها:
يرى الحنفية والحنابلة أن الجزية مقدارها بحسب حال المكلف بها، فإن كان غنياً فيجب عليه ثمانية وأربعون درهماً، وإن كان متوسط الحال فعليه أربعة وعشرون درهماً، وإن كان فقيراً عاملاً فعليه اثنا عشر درهماً كما ذكر. وهذا التقدير ثابت عن سيدنا عمر رضي الله عنه (3).
وقال المالكية في الأصح: مقدار الجزية أربعون درهماً، أي أربعة دنانير، وينقص عن الفقير بحسب وسعه وطاقته (4). وذكر ابن جزي أنه لا يزاد على أربعين درهماً (علماً بأن الدينار عندهم عشرة دراهم) لقوة أحد ولا ينقص لضعفه.
وقال الشافعية مثل الحنفية والحنابلة: أقل الجزية دينار لكل سنة، ويؤخذ من متوسط الحال ديناران، ومن غني أربعة دنانير، اقتداء بعمر رضي الله عنه كما رواه البيهقي عنه، ودليلهم على أقل مقدار الجزية: ما رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما
(1) البيعة بكسر الباء: وهي في الاستعمال الغالب متعبَّد النصارى، والكنيسة متعبد اليهود. لكن في ديار مصر والشام، لا يستعمل لفظ البيعة، بل تستعمل الكنيسة لمتعبد الفريقين. ولفظ الدير للنصارى خاصة. وأصل اللغة أن الكنيسة والبيعة تطلق على كل من معبد اليهود والنصارى.
(2)
الكتاب مع اللباب: 146/ 4.
(3)
البدائع: 112/ 7، الدر المختار: 292/ 3، تبيين الحقائق: 276/ 3، المغني: 502/ 8، وأما التقدير المذكور فمروي من طرق عن عمر، منها ما رواه ابن أبي شيبة عن محمد بن عبيد الله الثقفي، ورواه ابن زنجويه عن المغيرة بن شعبة (راجع نصب الراية: 447/ 3 وما بعدها).
(4)
الشرح الكبير للدردير: 201/ 2 وما بعدها.
عن معاذ رضي الله عنه: «أنه صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً، أو عِدله من المعافر، وهي ثياب تكون باليمن» (1).
ويجب أداء الجزية عند الحنفية في أول السنة؛ لأنها تجب لحماية الذمي في المستقبل. وعند سائر المذاهب: تجب الجزية في آخر السنة؛ لأنه مال يتكرر بتكرار الحول، أو يؤخذ في آخر كل حول كالزكاة (2).
وتسقط الجزية باختيار الإسلام باتفاق الفقهاء، لقوله عليه الصلاة والسلام فيما يرويه ابن عباس:«ليس على مسلم جزية» (3) وفي رواية للطبراني عن ابن عمر: «من أسلم فلا جزية عليه» .
وتسقط بالموت عند الحنفية والمالكية والزيدية؛ لأن الجزية في رأيهم عقوبة، فتسقط بالموت كالحدود. وعند الشافعية والحنابلة: لا تسقط بالموت وتؤخذ من التركة؛ لأنها دين وجب في الحياة، فلم يسقط بالموت كديون الناس.
وتسقط الجزية أيضاً عند أبي حنيفة والزيدية بمضي السنة ودخول سنة أخرى؛ لأن الجزية عقوبة، فتتداخل مع بعضها كالحدود. وعند الصاحبين وسائر الأئمة: لا تتداخل الجزية وتجب الجزيات كلها؛ لأنها عوض، فتعتبر بمنزلة سائر الحقوق المالية كالدية والزكاة وغيرهما (4).
(1) مغني المحتاج: 248/ 4، وأما حديث معاذ فرواه أبو داود والترمذي والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم، وقال الترمذي: حديث حسن، وذكر أن بعضهم رواه مرسلاً وأنه أصح (جامع الأصول: 261/ 3، نصب الراية: 445/ 3، سبل السلام: 4 ص 66).
(2)
المراجع السابقة.
(3)
رواه أحمد وأبو داود والبيهقي والدارقطني، وذكر الترمذي أنه مرسل (سنن أبي داود: 231/ 3، مجمع الزوائد: 13/ 6، منتخب كنز العمال من مسند أحمد: 38/ 2، جامع الأصول: 267/ 3، نصب الراية: 453/ 3، نيل الأوطار: 61/ 8).
(4)
راجع آثار الحرب: ص 694 وما بعدها، المغني: 511/ 8 وما بعدها.