الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروض الكفايات على جماعة المسلمين (1). قال ابن تيمية: (ومع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة إذا كان أصلح الموجود، فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال حتى يكمل في الناس ما لا بد لهم من أمور الولايات والإمارات ونحوها، كما يجب على المعسر السعي في وفاء دينه، وإن كان في الحال لا يطلب منه إلا ما يقدر عليه؛ وكما يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب)(2).
فدل ذلك كله على أنه على المسلمين تعلم كل ما يؤدي إلى التقوية والتفوق العسكري بحسب متطلبات كل زمان ومكان من تسابق في آلات الحرب وإنتاجها، وتهيئة عُدَد القتال، وتمرن على استعمالها، وحمل الأسلحة بمختلف أنواعها، وإنشاء الصناعات الحربية، ومداومة على التدرب، ونحو ذلك من كل ما فيه إعداد يرهب الأعداء، ويوفر القوة الكافية للمسلمين، قال صلى الله عليه وسلم:«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» (3).
ثانياً ـ الالتزام بخصائص الدولة الإسلامية وتحقيق أهدافها:
تمهيد:
56 -
عرفنا أن الدولة الإسلامية دولة فكرية ذات ارتباط وثيق بالعدل الإلهي، ويمكن إجمال خصائصها الأولية في ثلاثة (4).
(1) مغني المحتاج: 213/ 4، نهايةا لمحتاج: 194/ 7، رد المحتار على الدر المختار: 40/ 1، ط الأميرية، غاية المنتهى: 441/ 1، الطرق الحكمية لابن قيم ص: 247، ط أنصار السنة المحمدية، الشرح الكبير للدردير: 174/ 2.
(2)
السياسة الشرعية: ص 21.
(3)
رواه مسلم عن أبي هريرة (شرح مسلم: 215/ 16).
(4)
نظرية الإسلام السياسية للمودودي: ص 31 و 44 وما بعدها.
1 -
الحاكم الحقيقي فيها هو الله عز وجل، والسلطة الحقيقية مختصة بالذات العلية، وليس لأحد من الناس نصيب من الحاكمية، وإنما الحاكم هم رعايا الله ينوبون عن الأمة في تنفيذ شريعة الإله التي ارتضاها للناس دستوراً دائماً وحكماً فصلاً كما قال تعالى:{إن الحكم إلا لله} [الأنعام:57/ 6]{ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين} [الأنعام:62/ 6].
2 -
ليس لأحد من دون الله وظيفة تشريعية بغير ما شرع الله للمسلمين لقوله سبحانه: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44/ 5].
3 -
وظيفة الدولة تقتصر على تنفيذ شريعة الله، والحكم بما أنزل الله وتطبيق ما جاء به النبي من عند ربه، واستحقاقها الطاعة مرهون بذلك لقوله تعالى:{إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} [النساء:105/ 4].
وغاية الدولة الإسلامية وهدفها الأسمى هو تحقيق نظام العدالةالاجتماعية الذي أمر به الله تعالى، أي إقامة نظام الإنسانية العادل على أساس ما أنزل، وأبانه رسول الله، قال عليه السلام:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله» (1).
ومجمل القول: إن الدولة الإسلامية مقيدة بشريعة الله القائمة على العدل والخير والقوة والنظام والدعوة إلى الإقرار بعقيدة التوحيد، والإيمان بجميع الرسل والأنبياء. قال عليه السلام: «إن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها
…
» (2).
والدولة من أجل ذلك تلتزم بالواجبات الآتية:
(1) أخرجه مالك في الموطأ بلاغاً (جامع الأصول: 186/ 1).
(2)
أخرجه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه (جامع الأصول: 197/ 1).