الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول ـ
تعريف الدعوى
، وركنها، وشرائطها، والأصل في مشروعيتها:
تعريف الدعوى: الدعوى لغة، قول يقصد به الإنسان إيجاب حق على غيره أو هي الطلب والتمني، قال تعالى:{ولهم ما يدَّعون} [يس:57/ 36] وتجمع على دعاوى ودعاوي. وشرعاً: إخبار بحق للإنسان على غيره عند الحاكم (1).
وركنها: هو قول الرجل: لي على فلان، أو قبل فلان كذا، أو قضيت حق فلان، أو أبرأني عن حقه، ونحوها (2).
و
شرائطها عند الحنفية:
أولاً ـ أهلية العقل أو التمييز: يشترط أن يكون المدعي والمدعى عليه عاقلين، فلا تصح دعوى المجنون والصبي غير المميز، كما لا تصح الدعوى عليهما، فلا يلزمان بالإجابة على دعوى الغير عليهما، ولا تسمع البينة عليهما.
ثانياً ـ أن تكون في مجلس القضاء: لأن الدعوى لا تصح في غير هذا المجلس.
ثالثاً ـ أن تكون دعوى المدعي على خصم حاضر لدى الحاكم عند سماع الدعوى والبينة والقضاء، فلا تقبل الدعوى على غائب، كما لا يقضى على غائب عند الحنفية، سواء أكان غائباً وقت الشهادة أم بعدها، وسواء أكان غائباً عن مجلس القاضي أم عن البلد التي فيها القاضي. ولا يشترط هذا الشرط في المذاهب الأخرى.
(1) الدر المختار: 437/ 4، تكملة فتح القدير: 137/ 6، اللباب شرح الكتاب: 26/ 4، مغني المحتاج: 461/ 4، المغني: 271/ 9.
(2)
البدائع: 222/ 6.
وقد سبق لدينا أن المالكية والشافعية والحنابلة في الأرجح: يجوزون القضاء على الغائب إذا أقام المدعي البينة على صحة دعواه، وذلك في الحقوق المدنية لا في الحدود الخالصة لله تعالى.
رابعاً ـ أن يكون المدعى به شيئاً معلوماً: وعلمه إما بالإشارة إليه عند القاضي إذا كان الشيء من المنقولات (1)، أو ببيان حدوده إذا كان قابلاً للتحديد كالأراضي والدور وسائر العقارات، أو بكشف يجريه القاضي أو من ينوب عنه إذا لم يكن المدعى به قابلاً للتحديد كحجر الرحى، أو ببيان جنسه ونوعه وقدره وصفته إذا كان المدعى به ديناً، كالنقود والبُر والشعير؛ لأن الدين لا يصير معلوماً إلا ببيان هذه الأمور. والسبب في اشتراط العلم بالمدعى به: هو أن المدعى عليه لا يلزم بإجابة دعوى المدعي إلا بعد معرفة المدعى به، وكذلك الشهود لا يمكنهم الشهادة على مجهول، ثم إن القاضي لا يتمكن من إصدار الحكم أو القضاء بالدعوى إلا إذا كان المدعى به شيئاً معلوماً.
خامساً ـ أن يكون موضوع الدعوى أمراً يمكن إلزام المدعى عليه به، أي أن يكون الطلب مشروعاً ملزماً في مفهومنا الحاضر:
فإذا لم يكن بالإمكان إلزام المدعى عليه بشيء، فلا تقبل الدعوى، كأن يدعي إنسان أنه وكيل هذا الخصم عند القاضي في أمر من أموره، أو يدعي على شخص بطلب صدقة أو بتنفيذ مقتضى عقد باطل، فإن القاضي لا يسمع دعواه هذه إذا أنكر الخصم ذلك؛ لأن الوكالة عقد غير لازم، فيمكنه عزل مدعي الوكالة في الحال.
(1) حتى يشير إليه المدعي بالدعوى، والشهود بالشهادة، والمدعى عليه بالاستحلاف؛ لأن الإعلام بأقصى ما يمكن شرط، ويتم بالإشارة في المنقولات؛ لأن النقل ممكن، والإشارة أبلغ في التعريف. واليوم يكتفى بالوصف في المنقولات كالديون.