الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها الشهادة بالتسامع، لأدى الأمر إلى الحرج وتعطيل الأحكام. والتسامع: هو بأن يشتهر ذلك ويستفيض بين الناس، وتتواتر به الأخبار، بأن يخبر الشاهد رجلان عدلان أو رجل وامرأتان، ليحصل له نوع من العلم واليقين.
وقال المالكية (1): تجوز شهادة التسامع في عشرين حالة: منها عزل قاض أو وال أووكيل، وكفر، وسفه، ونكاح، ونسب، ورضاع، وبيع، وهبة، ووصية.
وأما
شروط أداء الشهادة:
فكثيرة، منها في نفس الشهادة (2): وهي أن تكون بلفظ الشهادة، وأن تكون موافقة للدعوى، ومنها في مكان الشهادة (3): وهي أن تكون في مجلس القضاء، ومنها فيما يخص بعض الشهادات (4): وهي التعدد، أي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين في الحقوق المدنية والأموال كالبيع والإجارة ونحوهما. والاتفاق في الشهادة عند التعدد، فإن حدث اختلاف في جنس الشهادة كأن يشهد أحدهما بالبيع والآخر بالميراث أو في القدر كأن يشهد أحدهما بألفين، والآخر بألف، أو في الفعل كالقتل والغصب، رفضت الشهادة.
ومنها وأهمها
ما يشترط في الشاهد
وهو سبعة شروط كما تقدم (5):
أولها ـ أهلية العقل والبلوغ: فلا تقل شهادة المجنون والسكران والطفل.
ثانيها ـ الحرية: فلا تصح شهادة الرقيق على الحر.
(1) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه: 198/ 4 وما بعدها.
(2)
البدائع: 273/ 6، فتح القدير: 10/ 6.
(3)
المراجع السابقة: البدائع: ص 279.
(4)
المراجع السابقة: البدائع: 277/ 6 وما بعدها، فتح القدير: 52/ 6 وما بعدها، الدر المختار: 504/ 4 وما بعدها.
(5)
البدائع: 267/ 6 وما بعدها، بداية المجتهد: 451/ 2 وما بعدها، الدردير والدسوقي: 165/ 4، مغني المحتاج: 427/ 4، المغني: 164/ 9.
ثالثها ـ الإسلام: فلا تقبل شهادة الكافر على مسلم؛ لأنه متهم في حقه، وأجاز الحنفية والحنبلية شهادة الكافر في الوصية في السفر، لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية: اثنان ذوا عدل منكم، أو آخران من غيركم} [المائدة:106/ 5].
رابعها ـ البصر: فلا تقبل شهادة الأعمى عند أبي حنيفة ومحمد والشافعية، لأنه لا بد من معرفة المشهود له والإشارة إليه عند الشهادة، ولا يميز الأعمى ذلك إلا بنغمة الصوت، وفيها شبهة؛ لأن الأصوات تتشابه. وأجاز المالكية والحنابلة وأبو يوسف شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت، لعموم الآيات الواردة في الشهادة، ولأن السمع أحد وسائط العلم.
خامسها ـ النطق: فلا تقبل شهادة الأخرس عند الجمهور، وإن فهمت إشارته؛ لأن الشهادة تتطلب اليقين. وأجاز المالكية قبول شهادة الأخرس إذا فهمت إشارته؛ لأنها تقوم مقام نطقه في طلاقه ونكاحه.
سادسها ـ العدالة: فلا تصح شهادة الفاسق باتفاق العلماء؛ لقوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق:2/ 65].
سابعها ـ عدم التهمة: فترد شهادة المتهم بإجماع الفقهاء. والتهمة: أن يجلب الشاهد إلى المشهود له نفعاً أو ضرراً بسبب القرابة أو الخصومة أو العداوة، فلا تقبل شهادة الأب لابنه، أو الأم لابنها، ولا الخصم لخصمه كالوكيل والموصى عليه وهو اليتيم، ولا العدو على عدوه، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين» (1)«لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غِمْر ـ حقد ـ على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت» (2) والقانع: الذي ينفق على أهل البيت.
(1) أخرجه مالك في الموطأ موقوفاً على عمر، وهو منقطع، ورواه آخرون مرسلاً (نيل الأوطار: 291/ 8).
(2)
رواه أحمد وأبو داود عن ابن عمر (128/ 4).