الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً - رأي الشيعة الإمامية والزيدية والإسماعيلية:
اتفق الشيعة الإمامية والزيدية وأهل السنة والمعتزلة على وجوب الإمامة، لكن الإمامة والإسماعيلية قالوا بوجوبها عقلاً على الله، لا على الأمة.
وبما أن الشيعة يرون رأي المعتزلة في العقائد، فهذا الرأي مفرع على نظرية المعتزلة القائلة بوجوب فعل الصلاح والأصلح على الله تعالى، أو على (فعل اللطف) الإلهي عملاً بقوله تعالى:{كتب ربكم على نفسه الرحمة} [الأنعام:54/ 6]. واللطف كما قال الشريف المرتضى (1): هو الأمر الذي علم الله تعالى من حال المكلف أنه متى وجد ذلك الأمر، كان حاله إلى قبول الطاعات والاحتراز عن المعاصي أقرب مما إذا لم يوجد ذلك الأمر، وبشرط ألا ينتهي إلى حد الإلجاء. وبعبارة أخرى: اللطف هو خلق القدرة للعبد وإكمال العقل ونصب الأدلة وتهيئة وسائل فعل الطاعة، وترك المعصية.
أدلة الشيعة:
استدل الشيعة على مذهبهم بعد أن قدموا له بمقدمات معينة، فقالوا: إن في إقامة الإمام منافع كثيرة ودفع مضار متعددة، وبه يتم صلاح المعاش والمعاد، كما أوضحت في الأدلة العقلية السابقة.
وإذا كان الله تعالى قد خلق في الإنسان القوى الشهوانية والغضبية والوهمية، ولم يجعل له قوة تعصمه من الزلل وتحمله على الخير، فقد وجب عليه أن ينصب إماماً يقرب الإنسان من الطاعات، ويبعده من القبائح.
(1) الأربعين في أصول الدين للرازي: ص 429.
فنصب الإمام إذن لطف، وكل لطف واجب على الله تعالى، فنصب الإمام واجب على الله تعالى. أما أن الإمامة لطف من الله في حق عباده، فلأن وجوب إمام عادل يمنعهم من المحظورات، ويحثهم على الطاعات يجعلهم أقرب إلى الطاعة، وأبعد عن المعصية. ثم إن الإمامة من الله لطف لأنها خالية من المفاسد والقبائح (1).
فهم يقيسون (الإمامة) على (النبوة). وبما أن الإمام هو حجة الله على خلقه، أو حجة الله في الأرض، وبما أن إرسال الرسل هو حجة الله على عباده لقوله تعالى:{لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء:165/ 4] فكذلك الأئمة حجة له، وتكون الحكمة من وجود الأئمة مشابهة لحكمة وجود الرسل.
ومعنى كون الإمام حجة أنه البرهان القائم على أن الله أراد أن يبلغ شرعه لعباده، وأنه يخاطبهم ويكلفهم باتباع أوامره واجتناب نواهيه، ولولا ذلك لكان للناس عذر في العصيان (2).
ويخلصون من هذا إلى أن الإمامة ركن الدين وقاعدة الإسلام، ولا يجوز لنبي إغفاله ولا تفويضه إلى الأمة، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم، ويكون معصوماً من الكبائر والصغائر (3).
والأئمة الذين يعترفون بهم هم علي ومن بعده. ويستدلون بآيات وأحاديث على أن الشرع قد جاء بتعيين هؤلاء الأئمة، لكن الإمامية قالوا: جاء التعيين بالنص على علي. وقال الزيدية: كان التعيين بالوصف.
(1) نطرية الإمامة لدى الشيعة الاثني عشرية، للدكتور أحمد محمود صبحي: ص 72 ومابعدها.
(2)
نهاية الإقدام للشهرستاني: ص 485.
(3)
مقدمة ابن خلدون: الفصل 27.