الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القبيحة يجري فيه التحليف ولا يسقط بالتقادم، وتقبل فيه شهادة النساء كما في سائر الحقوق (1).
كيفية اليمين وأثرها في الدعوى:
لليمين كيفية معينة، سواء أكانت يميناً مردودة، أم مع الشاهد، أم يميناً من المدعى عليه.
اتفق العلماء على أن اليمين تكون بالله عز وجل دون غيره، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» (2) ولقوله عليه السلام: «من حلف بغير الله فقد كفر» (3)، واتفقوا أيضاً على أن اليمين المشروعة في الحقوق التي يبرأ بها المدين هي اليمين بالله.
إلا أن الإمام مالك قال: أحب أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، وإن استحلف حاكم بالله، أجزأ.
وقال الشافعية: يندب تغليظ اليمين، وإن لم يطلب الخصم تغليظها فيما ليس بمال، ولا يقصد به مال كنكاح وطلاق ولعان وقصاص ووصاية ووكالة، وفي مال يبلغ نصاب زكاة، لا فيما دونه.
والتغليظ يكون مثلاً بزيادة أسماء وصفات الله عز وجل، كأن يقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم السر والعلانية. أو بالله الطالب الغالب المدرك المهلك الذي يعلم السر وأخفى.
(1) الفرائد البهية في القواعد الفقهية للشيخ محمود حمزة: ص 106 - 108.
(2)
أخرجه الجماعة إلا النسائي عن ابن عمر، وفي لفظ «أو ليسكت» وفي لفظ «من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله» (نصب الراية: 295/ 3، نيل الأوطار: 227/ 8).
(3)
رواه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عمر مرفوعاً. ويروى «فقد أشرك» وهو عند أحمد، وكذا عند الحاكم، ورواه الترمذي وابن حبان بلفظ «فقد كفر وأشرك» (نيل الأوطار، المرجع السابق).
وقال الحنابلة: اليمين التي يبرأ بها المدين هي اليمين بالله، وإن كان الحالف كافراً، لقوله تعالى:{فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما} [المائدة:107/ 5] وقوله سبحانه: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} [النور:53/ 24] قال بعض المفسرين:
«من أقسم بالله، فقد أقسم جهد اليمين» (1).
وقال الحنفية: للقاضي أن يحلِّف المسلم من غير تغليظ مثل: (بالله) أو (والله)، وله أن يغلظ، أي يؤكد اليمين بذكر أوصاف الله تعالى مثل قوله: قل: (والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية: ما لفلان هذا علي ولا قبلي هذا المال الذي ادعاه وهو كذا وكذا، ولا شيء منه) وله أن يزيد على هذه الصيغة وله أن ينقص منها، إلا أنه يجتنب العطف كيلا يتكرر اليمين؛ لأن المطلوب منه يمين واحدة. ولا يستحلف بالطلاق في ظاهر الرواية، لقوله عليه الصلاة والسلام:«من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت» وفي لفظ: «أو ليذر» .
ولا يجب تغليظ اليمين عند الحنفية والحنابلة على المسلم بزمان كيوم الجمعة بعد العصر، ولا بمكان مثل بين الركن والمقام بمكة، وعند منبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة؛ لأن المقصود تعظيم المقسم به، أي الله تعالى، وهو حاصل بدون ذلك، وفي إيجابه حرج على القاضي، حيث يكلف حضورها، والحرج مرفوع (2).
وقال مالك والشافعي كما تقدم: تغلظ اليمين في الزمان في اللعان؛ لأن الله تعالى قال في اللعان محدداً أن يكون بعد صلاة العصر: {تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمناً} [المائدة:106/ 5] وتغلظ في
(1) راجع بداية المجتهد: 455/ 2، المغني: 226/ 9، مغني المحتاج: 472/ 4.
(2)
تكملة فتح القدير: 174/ 6، البدائع: 227/ 6، اللباب شرح الكتاب: 40/ 4 ومابعدها، المغني: 288/ 9 وما بعدها.