الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإجماع، وهنا خصص الإجماع أحد الأحكام السابقة عند التوبة وهو أن الحد لا يسقط بالتوبة (1).
وتقبل شهادة أهل الأهواء، أي أصحاب البدع التي لا تكفر صاحبها مثل الجبرية والقدَرية والرافضة والخوارج والمشبهة والمعطلة.
وكذلك تقبل شهادة الأقلف (غير المختون) إلا إذا تركه استخفافاً بالدين، فلا يكون حينئذ عدلاً، وتقبل شهادة الخصي وولد الزنا إذا كان عدلاً، وشهادة الخنثى ويعتبر كأنثى (2).
7 - عدم التهمة:
أجمع الفقهاء على أن التهمة ترد بها الشهادة. والتهمة: أن يجلب الشاهد إلى المشهود له نفعاً أو يدفع عنه ضرراً، فلا تجوز شهادة الوالد لولده وولد ولده ولا شهادة الولد لأبويه وأجداده، ولا شهادة الخصم لخصمه. والخصم: كل من خاصم في حق، فلا تقبل شهادة الوكيل لموكله، ولا الموصى له للميت أو الموصى عليه: وهو اليتيم في حجره ورعايته، ولا الشريك لشريكه في أمور الشركة؛ لأنها شهادة لنفسه من وجه لاشتراكهما في الشركة. فلو شهد الشريك بما ليس من شركتهما تقبل شهادته لانتفاء التهمة، وأجاز المالكية شهادة الشريك، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين» (3) وقوله عليه الصلاة
(1) مذكرة تفسير آيات الأحكام بالأزهر: 131/ 3، وراجع بداية المجتهد: 452/ 2، فتح القدير: المرجع السابق: ص 29، البدائع، المرجع نفسه: ص 271، مغني المحتاج: 438/ 4، المغني، المرجع نفسه: ص 197 وما بعدها، المهذب: 330/ 2 وما بعدها.
(2)
الكتاب مع اللباب: 63/ 4 ومابعدها.
(3)
أخرجه مالك في الموطأ موقوفاً على عمر، وهو منقطع، ورواه أبو داود في المراسيل عن طلحة بن عبد الله بن عوف، ورواه أيضاً البيهقي من طريق الأعرج مرسلاً، ورواه الحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً، وفي إسناده نظر (نيل الأوطار: 291/ 8).
والسلام: «لا تقبل شهادة بدوي على حضري» (1).
ولا تقبل شهادة العدو على عدوه بالاتفاق حتى عند الحنفية؛ لأن العداوة تورث التهمة، ولا يؤمن التقول فيها، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تجوز شهادة الخائن، ولا خائنة، ولا ذي غِمْر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت، والقانع: الذي ينفق على أهل البيت» (2) والمراد بالعدو الذي ترد شهادته: هو صاحب العداوة الدنيوية، وهو من يبغض المشهود عليه بحيث يتمنى زوال نعمته، ويحزن بسروره، ويفرح بمصيبته.
واتفقوا على جواز شهادة الأخ والعم والخال ونحوهم بعضهم لبعض، لانعدام التهمة؛ لأن مال كل واحد منهم مستقل عن الآخر عرفاً وعادة، فكانوا كالأجانب.
واختلفوا في شهادة أحد الزوجين للآخر، فردها جمهور الفقهاء؛ لأن كل واحد منهما يرث الآخر، وينتفع بماله عادة، فينتفع بشهادته لصاحبه.
وأجاز الشافعية قبولها؛ لأن الحاصل بين الزوجين عقد يطرأ ويزول فلا يمنع قبول الشهادة، كما لو شهد الأجير للمستأجر وعكسه.
(1) رواه أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ: «لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية» (انظر نيل الأوطار: 291/ 8، سبل السلام: 129/ 4، الإلمام: ص 520) والبدوي: من سكن البادية، نَسَب على غير قياس النسبة، والقياس بادوي، والقرية: المصر الجامع.
(2)
رواه أبو داود وأحمد وعبد الرزاق والبيهقي وابن دقيق العيد وابن ماجه بإسناد حسن، قال ابن حجر في التلخيص: وسنده قوي. وروايته من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقوله «ذو الغمر» : أي صاحب الشحناء والحقد، والغمر بكسر الغين وسكون الميم، وقال صاحب سبل السلام: بفتح الغين وفتح الميم وكسرها، والقانع: هو الخادم المنقطع إلى الخدمة، فلا تقبل شهادته للتهمة بجلب النفع لنفسه كالأجير الخاص (نصب الراية: 83/ 4، نيل الأوطار: 291/ 8، سبل السلام: 128/ 4، الإلمام: ص 519).