الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشرة آلاف درهم فصاعداً) في كل سنة ثمانية وأربعين درهماً، منجمة أي مقسطة على الأشهر، يأخذ في كل شهر أربعة دراهم. ويضع على المتوسط الحال (وهو من يملك مئتي درهم فصاعداً) أربعة وعشرين درهماً منجمة أيضاً على الأشهر، في كل شهر درهمين، وعلى الفقير المعتمل (وهو من يملك ما دون المئتي درهم، أو لا يملك شيئاً) اثني عشر درهماً منجمة أيضاً على الأشهر، في كل شهر درهماً (1). وذلك عملاً بفعل عمر رضي الله عنه الذي قسم أهل الذمة ثلاث طبقات: وهم الموسرون والمتوسطون والفقراء العاملون.
ويرى المالكية: أن الجزية أربعة دنانير في كل عام على كل واحد من أهل الذهب، وأربعون درهماً على أهل الفضة، وذكر ابن جزي المالكي (2) أنه لا يزاد على ذلك لقوة أحد، ولا ينقص لضعفه، والراجح لدى المالكية أنه ينقص عن الفقير بحسب طاقته ووسعه.
وذهب الشافعية (3) إلى أن أقل الجزية دينار، لحديث معاذ بن جبل:«أنه صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن، أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو عدله من المعافر» (4) وهي ثياب يمنية، نسبة إلى حي من همدان في اليمن، تنسب إلىه الثياب المعافرية. ويستحب لدى الشافعية مماكسة (مشاححة) الذمي حتى يأخذ من المتوسط دينارين، ومن الغني أربعة دنانير، اقتداء بعمر رضي الله عنه، كما رواه البيهقي عنه.
صفة عقد الذمة:
اتفق الفقهاء على أن عقد الذمة عقد لازم من ناحية
(1) الكتاب مع اللباب: 143/ 4، المغني: 501/ 8 ومابعدها.
(2)
القوانين الفقهية: ص 156.
(3)
مغني المحتاج: 248/ 4.
(4)
رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي والبيهقي والدارقطني، وصححه ابن حبان والحاكم من حديث مسروق عن معاذ.
المسلمين، فلا يملك المسلمون نقضه بأي حال. وأما بالنسبة لغير المسلمين فهو عقد غير لازم، لكنه لا ينتقض عند الحنفية إلا بأحد أمور ثلاثة: وهي أن يسلم الذمي، أو يلحق بدار الحرب، أو يغلب الذميون على موضع فيحاربوننا، ولا ينتقض عهدهم بغير المذكور، كالامتناع من إعطاء الجزية، أو سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو قتل مسلم، أو الزنى بمسلمة؛ لأن التزام الجزية باق، ويستطيع الحاكم أن يجبره على أدائها، وأما بقية المخالفات فهي معاصي ارتكبوها وهي دون الكفر، وقد أقررناهم عليه، فما دونه أولى (1).
ويرى جمهور الفقهاء، والشيعة الإمامية والزيدية، والإباضية: أن عهد الذمي ينتقض بمنعه أداء الجزية، أو امتناعه من تطبيق أحكام الإسلام العامة، أو بالاجتماع على قتال المسلمين؛ لأن هذه الأمور من مقتضى عقد الذمة، فارتكابها يخالف مقتضى العقد، فيوجب نقض المعاهدة.
وكذلك قالوا ما عدا الشافعية والإمامية: ينتقض العقد بارتكاب المعاصي السابقة؛ لأن فيها ضرراً على المسلمين، فأشبه الامتناع عن بذل الجزية.
أما الشافعية في الأصح عندهم، فإنهم يرون أن عهد الذمة لا ينتقض بارتكاب المعاصي إذا لم يشترط النقض في العقد، فإن اشترط على أهل الذمة انتقاض العهد انتقض، لمخالفة الشرط ولحوق الضرر بالمسلمين (2).
واتفق الفقهاء على أن أهل الذمة ملتزمون بتطبيق أحكام الإسلام المدنية والجنائية، وأما العبادات ونحوها مما يدينون به كشرب الخمور وتربية الخنازير
(1) البدائع، المرجع السابق: ص 112 وما بعدها، فتح القدير: 381/ 4، تبيين الحقائق: 281/ 3، الكتاب مع اللباب: 147/ 4.
(2)
راجع آثار الحرب: ص 359، 367 - 374.