الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما
حقوق العباد أي حقوق الأفراد
، فأنواع:
منها: حق طلب واستيفاء القصاص أو الدية.
ومنها: الحق في الأموال النقدية، أو العينية.
ومنها: الحق في الطلاق وحق الشفعة والنسب ونحوها.
ولا يشترط لصحة الإقرار بهذه الحقوق الفردية مايشترط للإقرار بحقوق الله تعالى من التعدد، وكونه في مجلس القضاء، والنطق بعبارة صريحة، وإنما يصح الإقرار فيها من الأخرس؛ كما لا يشترط لصحة الإقرار بها الصحو، فيصح إقرار السكران بها. وهذه الحقوق تثبت مع الشبهات، بخلاف حقوق الله تعالى.
والشروط المختصة بالإقرار بحقوق العباد عند الحنفية هي ما يأتي (1):
أولاً ـ أن يكون المقر له معلوماً، سواء أكان موجوداً أم حملاً في البطن: فلو كان المقر له مجهولاً، بأن قال إنسان:(لواحد من الناس علي ألف درهم) لا يصح الإقرار؛ لأنه لا يملك أحد مطالبته بمقتضى إقراره.
ولو قال: (لحمل هند علي ألف درهم): فإن عزا إقراره لسبب مقبول، يصلح لثبوت الملك له، من طريق إرث أو وصية (2)، كأن يقول: مات أبو الحمل، فورث الحمل هذا الألف، أو يقول: أوصى بالألف فلان لهذا الحمل، صح الإقرار، وكان المبلغ المقر به للحمل، أي الجنين بالاتفاق.
(1) المبسوط: 196/ 17 ومابعدها، البدائع: 223/ 7 وما بعدها، تكملة فتح القدير: 304/ 6، تبيين الحقائق: 11/ 5، الدر المختار: 474/ 4، اللباب: 83/ 2، مجمع الضمانات: ص 369.
(2)
إذ أن أهلية الجنين أهلية وجوب ناقصة فلا يتمكن من ثبوت الحقوق المالية له إلا ماكان من طريق الإرث، أو الوصية، أو الوقف، كما هو معلوم.
وحينئذ إن جاءت هند هذه بالولد في مدة يعلم أنه كان قائماً وقت الإقرار، لزم المقر ما أقر به. وإن جاءت به ميتاً، فالمال للموصي والمورث؛ لأنه إقرار في الحقيقة لهما، وإنما ينتقل إلى الجنين بعد الولادة، ولم ينتقل في الواقع، فيقسم بين ورثة المورث. ولو جاءت بولدين حيين، فالمال بينهما.
وإن بين المقر سبباً مستحيلاً في العادة لا يمكن حدوثه من الجنين، كأن قال: أقرضني أو باعني شيئاً، فالإقرار باطل لاغ اتفاقاً.
وإن أبهم الإقرار، أي أطلقه، فلم يبين سبباً صالحاً يتصور لثبوت الملك للحمل كالإرث والوصية: لم يصح الإقرار عند أبي يوسف، قيل: وأبو حنيفة معه؛ لأنه لا يثبت للجنين شيء من الحقوق المالية، سواء أكان من جهة التجارة والمعاملة، أم من جهة الجناية، ومطلق الإقرار ينصرف إلى الإقرار بحق ثابت بسبب التجارة، فيعتبر كأن المقر صرح به، وهو غير مقبول منه.
وقال محمد والشافعي في الأظهر ومالك وأحمد: يصح الإقرار للحمل إذا أطلقه المقر، أي لم يسنده إلى سبب كإرث أو وصية، ويحمل إقراره على سبب الملكية المتصور للحمل، بأن يحمل على أن هذا المبلغ أوصى به رجل، أو مات مورث الحمل وتركه ميراثاً له؛ لأن الإقرار حجة شرعية، فإذا صدر من أهله في محله، فيجب إعماله، وقد أمكن العمل به على النحو المذكور (1).
هذا هو حكم الإقرار للحمل. وأما الإقرار بالحمل فجائز اتفاقاً، كما إذا أقر بحمل شاة لرجل، صح إقراره والتزم المقر بما أقر به، سواء بيَّن سبباً صالحاً لثبوت الملك أو أبهم؛ لأن لإقراره وجهاً صحيحاً: وهو الوصية بالحمل من جهة غير
(1) تكملة فتح القدير: 306/ 6، الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه: 398/ 3، المهذب: 344/ 2 وما بعدها، مغني المحتاج: 241/ 2 وما بعدها، المغني: 141/ 5 وما بعدها.