الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - الإعداد لحماية الدولة والدعوة لتدريب الشعب وتصنيع الأسلحة:
54 -
إن من أول واجبات الدولة ـ كما ذكرت (عند الماوردي وغيره) فيما عرضته ـ هو الدفاع عن كيان الدولة وتحصين الثغور، وحماية الرعية، وإعداد العدة الملائمة والقوة الضاربة وتدريب المقاتلة، وتعلم فنون الحرب وكيفية استخدام السلاح المناسب للزمان والمكان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه القيادي أو كونه حاكماً بالإضافة إلى كونه رسولاً مبلغاً عن الله يقوم بإعداد المسلمين لخوض معارك القتال، مما مكنه من تحقيق النصر المؤزر على الأعداء في غالبية المعارك التي اشترك فيها أو أعد لها.
وعني المسلمون الأوائل من أجل الجهاد بأسلحة الحرب وآلات القتال كالسيوف والرماح والنبال والدروع والمغافر ونحوها مما كان في الماضي تدرباً وتمرساً واقتناء وتعلماً.
وكان الخلفاء يحضون الناس على التدرب على مختلف فنون الحرب وآلاتها، ويحصنون الثغور من أجل الحفاظ على الأمة ورد العدوان عنها، كما هومعروف من تاريخ الفتوحات الإسلامية.
والإسلام دستور المسلمين يفرض دائماً التزام الحذر من العدو، والاستعداد للقائه وإعداد الجنود والأسلحة الملائمة للإرهاب وخوض المعارك، قال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثُباتٍ أو انفروا جميعاً} [النساء:71/ 4]{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} [الأنفال:60/ 8].
فهذه الآية أمر إيجابي بالإعداد الملائم لكل القوى المادية والمعنوية التي يتحقق بها إرهاب العدو.
وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتدرب على فنون القتال واستعمال السلاح، قال سلمة بن الأكوع: «مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون (1) بالسوق، فقال: ارموا يا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا مع بني فلان
…
» (2). وعن عقبة بن عامر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» وقال: «من علم الرمي ثم تركه، فليس منا» (3).
55 -
وأمر عليه الصلاة والسلام أيضاً بصناعة السلاح وحث عليه، فقال:«إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير، والذي يجهز به في سبيل الله، والذي يرمي به في سبيل الله .. » (4).
وشجع الرسول صلى الله عليه وسلم كل أنواع السباق الحربي والرياضة الحربية فقال: «لاسَبْق إلا في خف أو نصل أوحافر» (5).
واتفق الفقهاء على جواز السباق على جُعْل من غير المتسابقين كالإمام يجعله للسابق، وقال جمهور الفقهاء: يجوز الجُعل أيضاً من إحدى المتسابقين (6). واعتبر الفقهاء تعلم مختلف الحرف والصنائع، ولا سيما صناعة الأسلحة من
(1) أي يترامون.
(2)
رواه أحمد والبخاري عن سلمة بن الأكوع (نيل الأوطار: 84/ 8).
(3)
رواهما أحمد ومسلم عن عقبة (نيل الأوطار: 85/ 8).
(4)
رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن عقبة بن عامر (نيل الأوطار، المكان السابق).
(5)
رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة ولم يذكر فيه ابن ماجه: أو نصل (نيل الأوطار: 77/ 8).
(6)
البدائع: 206/ 6، مغني المحتاج: 313/ 4 وما بعدها، المهذب: 415/ 1 وما بعدها. المغني: 654/ 8 وما بعدها، نيل الأوطار: 78/ 8.