الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجب على الإمام استشارة أهل العلم في شأنها، لقوله تعالى:{وشاورهم في الأمر} [آل عمران:159/ 3] وقوله سبحانه: واصفاً المؤمنين {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى:38/ 42] وثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه في مختلف شؤون المسلمين، كما حدث في غزوات بدر وأحد والخندق وفي صلح الحديبية.
هيئة الشورى:
كان السائد لدى الخلفاء الراشدين أن الخليفة هو الذي يعين أهل المشورة، حسبما يرى من المصلحة، ويعرف الكفاءات العلمية المطلوبة للأمر.
وفي عصرنا الحاضر يمكن الاتفاق بين الحاكم ورؤساء الأمة على وضع مبادئ الاختيار، كالتعيين بحسب الوظائف ذات الصفة التشريعية، أو الانتخاب على وفق ضوابط محددة تنطبق على ذوي الاختصاص والخبرة والمعرفة اللائقة.
حكم الشورى:
اختلف الفقهاء في حكم الشورى: هل هي ملزمة للحاكم، أو اختيارية، وهل نتيجتها ملزمة أو اختيارية أيضاً؟.
قال جماعة: إن الشورى فيما لم ينزل فيه وحي في مكايد الحروب وعند لقاء العدو اختيارية، تطييباً للنفوس ورفعاً للأقدار، وتألفاً على الدين؛ لقوله تعالى:{فإذا عزمت فتوكل على الله} [آل عمران:159/ 3] والعزم من الحاكم قد يكون على رأيه أو رأي المستشارين، ولأن أبا بكر حينما استشار الناس بمحاربة المرتدين، لم ير غالبية المسلمين ومنهم عمر قتالهم، وأخذ أبو بكر برأيه الذي لم يفرق بين الصلاة والزكاة قائلاً: والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله لحاربتهم عليه.
وقال آخرون: إن الحاكم ملزم برأي أغلبية المستشارين من أهل الحل والعقد
عملاً بالأوامر القرآنية، ويصبح الأمر عديم الأثر إذا لم يلزم الحاكم بنتيجتها. وقد عمل بها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الراشدون من بعده (1).
ورأيي هو القول بوجوب الشورى على كل حاكم وضرورتها له وإلزامه بنتيجتها كما قرر المفسرون (2) لتسير الأمور على وفق الحكمة والمصلحة، ومنعاً من الاستبداد بالرأي؛ لأن حكم الإسلام يقوم على أصل الشورى، وبه تميز، وعلى نهجه سار السلف الصالح، وذلك ما لم يستطع الحاكم إقناع أهل الشورى بأفضلية رأيه، كما فعل أبو بكر الذي ما فتئ يوضح رأيه للمسلمين في شأن حرب المرتدين وجمع القرآن، حتى شرح الله صدورهم له، كما قال عمر رضي الله عنه. وكما فعل أيضاً بإقناع مخالفيه في قسمة سواد العراق، حتى شرح صدورهم لرأيه ووافقوه على فعله، فكان الرأي مجمعاً عليه، كما ذكر أبو يوسف في كتاب الخراج وغيره من الفقهاء.
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بحق لم يكن بحاجة للشورى لاعتماده على الوحي، ومع ذكل فإنه كان يشاور أصحابه تطييباً لقلوبهم وتعليماً لمن بعده (3). قال الحسن رضي الله عنه: علم الله أنه ما به إليهم حاجة، ولكنه أراد أن يستن به من بعده. وهذا هو معنى قوله تعالى {فإذا عزمت فتوكل على الله} [آل عمران:159/ 3] أي فإذا قطعت الرأي على شيء بعد الشورى، فتوكل على الله في إمضاء أمرك
(1) راجع تفسير الطبري: 343/ 7 - 346، والقرطبي: 249/ 4 - 253، وابن كثير: 420/ 1، 118/ 4 عند تفسير آية {وشاورهم في الأمر} آل عمران: 159، تفسير الزمخشري: 357/ 1 وما بعدها، تفسير الألوسي: 106/ 4 وما بعدها، 46/ 25، الجصاص، المرجع السابق، البيضاوي: 50/ 1، 145/ 4، ط التجارية.
(2)
راجع تفسير الطبري: 345/ 7، ط دار المعارف.
(3)
راجع الآراء الأربعة في تحديد المقصود من أمر النبي بالمشاورة في الأحكام السلطانية للماوردي: ص41.