الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القضاة، وأقطاب القانون الإسلامي في الدولة، منعاً من تفاقم الأزمة التي لا تحل إلا بذلك.
وتأمر هذه المحكمة بإجراء استفتاء عام على خلع الإمام لمخالفته قصداً نصوص الشريعة. فإن منع الإمام من اللجوء إلى الاستفتاء، كان لها الحق بإعلان عزله، وأن الأمة في حل من بيعته (1)، عملاً بمبدأ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (2).
آراء الفقهاء القدامى في مبدأ الخروج على الحاكم:
قال أهل الحديث والسنة بوجوب الصبر وعدم جواز الخروج على الحاكم مطلقاً، عملاً بالأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم الآمرة بالصبر مثل «كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل» (3). ورعاية لوحدة الأمة وعدم الفرقة واجتماع الكلمة واحتمال أخف الضررين، ولأن كثيراً من الصحابة والتابعين امتنعوا عن الخروج، بل اعتزلوا الفتنة ولم يساعدوا الخارجين، وبناء عليه لا يجوز الخروج على الحاكم إلا بإعلان الكفر صراحة، فإذا كفر بإنكار أمر من ضروريات أو بدهيات الدين، حل قتاله، بل وجب، منعاً من فساده وفوات مصلحة تعيينه، وإلا فلا، حفاظاً على وحدة الأمة، وعدم الفوضى. قال صلى الله عليه وسلم:«السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خلع الحكام، فقيل: أفلا ننابذهم؟ قال: لا، ما
(1) محمد أسد، المرجع السابق: ص 123، 127، 145 وما بعدها.
(2)
رواه أحمد والحاكم عن عمران والحكم بن عمرو الغفاري.
(3)
أخرجه ابن أبي خيثمة والدارقطني عن عبد الله بن خباب بن الأرت.
أقاموا فيكم الصلاة. وقال: «إلا أن تروا كفراً بواحاً ـ أي ظاهراً ـ عندكم من الله فيه برهان» (1).وقال المعتزلة والخوارج والزيدية وكثيرمن المرجئة: الخروج واجب إذا أمكننا أن نزيل بالسيف أهل البغي ونقيم الحق، عملاً بقوله تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة:2/ 5] وقوله: {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات:49/ 9] وقوله: {لا ينال عهدي الظالمين} [البقرة:124/ 2].
وقال أبو بكر الأصم من المعتزلة: السيف واجب إذا اتفق على إمام عادل يخرجون معه لإزالة أهل البغي (2).
وقال ابن حزم بجواز الخروج؛ لأن الأحاديث المجيزة للخروج على الفاسق الظالم ناسخة في رأيه للأحاديث الآمرة بالصبر؛ لأن هذه الأحاديث وردت في مبدأ الإسلام، ولأن الدليل المحرم يقدم على المبيح عند تعارضهما، ولقوله تعالى:{وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات:9/ 94] ولأنه يجب على المسلم إزالة المنكر، ولا طاعة في معصيته، ومن قتل دون ماله أو دينه أو مظلمته فهو شهيد (3).
(1) حجة الله البالغة للدهلوي: 112/ 2 والحديث باللفظ الأول رواه أحمد ومسلم، والثاني رواه البخاري (نيل الأوطار: 172/ 6).
(2)
مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين للأشعري: 445/ 2 وما بعدها.
(3)
الفصل في الملل والنحل لابن حزم: 171/ 4 ومابعدها، والحديث رواه أحمد وابن حبان وأبو داود والترمذي والنسائي عن سعيد بن زيد بلفظ:«من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد» وروى النسائي والضياء عن سويد بن مقرن: «من قتل دون مظلمته فهو شهيد» .