الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن هنا
تتحدد سلطات الخليفة أو الحاكم في الإسلام بالأسس الآتية
(1):
أولاً ـ يخضع الخليفة للتشريع الإسلامي
، ويطالب بتنفيذ أحكامه، وإصدار القوانين التنظيمية طبقاً لمبادئه وقواعده، وليس له أية حصانة في هذا الشأن من دون بقية المسلمين. قال أبو بكر وتبعه من بعده من الراشدين في أول خطبة سياسية له بعد تولي الخلافة: «أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم
…
».
ثانياً ـ ليس للحاكم التشريع
؛ لأن التشريع في الإسلام كما بان سابقاً لله ورسوله. ودور الخليفة مع أولي الحل والعقد هو مجرد الاجتهاد في نطاق القرآن والسنة. فلا يستمد المجتهدون سلطتهم من الخليفة، وإنما من مؤهلاتهم الذاتية. وفي هذا أكبر ضمان لشرعية الدولة؛ إذ المسلَّم به أن النظم الاستبدادية تقوم على أساس أن إرادة الدولة هي القانون.
ثالثاً ـ يلتزم الحاكم وأعوانه بقواعد نظام الحكم الإسلامي ومبادئه العامة
التي حددها القرآن والسنة، ولم يفصل في شأنها مراعاة لظروف ومقتضيات التطور، وضماناً لقدسية المبدأ بحيث لا يقبل التغير وهذه القواعد هي:
1 - الشورى:
إن نظام الحكم الإسلامي نظام شوري، لقوله تعالى:{وشاورهم في الأمر} [آل عمران:159/ 3]{وأمرهم شورى بينهم} [الشورى:38/ 42] وورد في السنة النبوية القولية والعملية ما يوجب المشاورة، مثل: «استعينوا على
(1) راجع السلطات الثلاث للطماوي: ص 281 وما بعدها، النظريات السياسية للريس: ص280 وما بعدها، بحث الدولة الإسلامية للموسوعة الفقهية للمؤلف والآتي بيانه.
أموركم بالمشاورة» (1)«ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم» (2)«المستشار مؤتمن» (3) وقال أبو هريرة رضي الله عنه: «لم يكن أحد أكثر مشورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم» (4) وقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في وقائع كثيرة، تطييباً لنفوس أصحابه ولرفع أقدارهم، قائلاً: أشيروا علي أيها الناس. مثل استشارته قبيل معركة بدر لمعرفة مدى استعداد أصحابه للقتال، ونزوله على رأي الحُبَاب بن المنذر في اختيارالمكان الملائم لنزول الجيش وهو أدنى مقام من ماء بدر. وكذلك بعد المعركة استشار أصحابه في شأن قبول الفداء من أسرى بدر المشركين.
وقبل موقعة أحد استشار الأصحاب في شأن الخروج من المدينة، وقبل رأي الكثرة الشباب التي أشارت بالخروج، وكانت العاقبة الهزيمة المعروفة.
وقال صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك: «أشيروا علي معشر المسلمين في قوم
…
».
واستشار أيضاً أصحابه في رد سبي هوازن، وفي استطابة أنفسهم بذلك، دون تعويض عن حقهم.
وشاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ، فأبى عليه السعدان: سعد بن عبادة وسعد بن معاذ، فترك ذلك (5).
وفي يوم الأحزاب تمت المشاورة عملاً برأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة على عدم مصالحة رؤساء غطفان لأخذ شطر ثمار المدينة. ونحو ذلك كثير (6).
(1) ذكره الماوردي في أدب الدنيا والدين: ص 494.
(2)
ورد مرفوعاً، وورد مرسلاً عن الحسن، أخرجه عبد بن حميد والبخاري في الأدب، وابن المنذر.
(3)
رواه أبو داود والترمذي وحسنه النسائي، ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة.
(4)
رواه الترمذي.
(5)
انظر تفسير ابن كثير: 287/ 1 وما بعدها، 420 في الوقائع المذكورة، وانظر أدب الدنيا والدين للماوردي: ص 496.
(6)
راجع سيرة ابن هشام: 253/ 2 ومابعدها، أحكام القرآن للجصاص: 40/ 2، تفسير ابن كثير: 420/ 1، ط الحلبي.