الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - إذا تنازع اثنان في قميص:
أحدهما لا بسه، والآخر متعلق به، فاللابس أولى؛ لأنه أقواهما تصرفاً، فهو مستعمل للقميص.
ولو تنازعا في بساط أحدهما جالس عليه، والآخر متعلق به: فهو بينهما نصفان، قضاء ترك، لا قضاء حقيقة؛ لأن القعود عليه ليس بيد عليه، حتى إنه لا يعتبر غاصباً بالقعود عليه، وإنما تكون اليد، أي الحيازة على البساط إما بالنقل والتحويل، أو بكونه في بيته، والجلوس عليه ليس بشيء من الأمرين، فلا يكون يداً عليه. وبما أنهما يدعيانه على السواء، فيترك في يديهما لعدم وجود منازع ينازعهما.
وإذا كان ثوب في يد رجل، وطرف منه في يد آخر، فهو بينهما نصفان؛ لأن الزيادة من جنس الحجة، فإن كل واحد منهما متمسك باليد، إلا أن أحدهما أكثر استمساكاً، ومثله لا يوجب الرجحان، كزيادة عدد الشهود، لا تُرجح بينة أحد الخصمين.
3 - إذا كان حائط بين دارين:
فادعاه كل من المالكين المتجاورين، وليس لأحدهما عليه جذوع (1) ولا هو متصل ببناء كل منهما، فإنه يكون بينهما، لاستوائهما في الاستظلال به.
وإن كان لأحدهما عليه جذوع، فهو له؛ لأنه مستعمل للحائط.
ولو كان لكل واحد منهما جذوع، على السواء، أو لأحدهما أكثر من الآخر، بأن كان ثلاثة فصاعداً، فهو بينهما نصفان؛ لأنهما استويا في استعمال الحائط، فاستويا في ثبوت اليد عليه، والزيادة على الثلاثة من جنس الحجة.
(1) الجذع: ساق النخلة أو الشجرة، يوضع في منتصف السقف للاستناد عليه، ويوضع طرفاه على جدارين متقابلين، وهو الآن مثل الجسور الحديدية في منتصف السقوف.
أما إن كان لأحدهما ما دون الثلاثة، وللآخرأكثر، فهو لصاحب الكثير؛ لأن أصل الاستعمال لا يحل بما دون الثلاثة؛ لأن الجدار لا يبنى له عادة، وإنما يبنى لأكثر من الثلاثة، إلا أن الأكثر لا نهاية له، والثلاثة أقل الجمع الصحيح، فقيِّد به. ولكن يبقى لصاحب القليل حق الاستناد على الحائط، وليس لصاحب الحائط الحق في أن يطلب رفع الجذوع، إلا إذا أثبت بالبينة أن الحائط له، فحينئذ يرفع الجذع.
وإن لم يكن لهما جذوع، ولأحدهما اتصال بالبناء اتصال التزاق وارتباط، فهو لصاحب الاتصال، لأنه كالمتعلق به.
ولو كان لأحدهما اتصال التزاق، وللآخر جذوع، فصاحب الجذوع أولى؛ لأنه مستعمل للحائط، ولا استعمال من صاحب الاتصال.
ولو كان لأحدهما اتصال التزاق وارتباط، وللآخر اتصال تربيع (1)، فصاحب التربيع أولى؛ لأن اتصال التربيع أقوى من اتصال الالتزاق.
ولو كان لأحدهما اتصال تربيع وللآخر جذوع: فالحائط لصاحب التربيع، ولصاحب الجذوع حق وضع الجذوع، أي استنادها عليه؛ لأن الظاهر ليس بحجة في الاستحقاق. والسبب في ترجيح صاحب الاتصال: أن الحائطين بالاتصال يصيران كبناء واحد. وقال السرخسي: صاحب الجذوع أولى؛ لأن لصاحب الاتصال اليد، ولصاحب الجذوع التصرف والتصرف أقوى. والرأي الأول أرجح؛ لأن اتصال التربيع يكون حالة البناء، وهو سابق على وضع الجذوع، فكانت يده أسبق من وضع الآخر جذوعه، فصار مثل سبق التاريخ.
(1) اتصال التربيع: أن يكون في حائط من المدر أو الآجر تداخل بين أنصاف لبنات حائط المدعي، وأنصاف لبنات الحائط المتنازع فيه وبالعكس. وإن كان الحائط من خشب: فالتربيع: أن تكون الخشبة مركبة في الأخرى. وأما إذا ثقب فأدخل في الأخرى، فلايكون تربيعاً. (تكملة فتح القدير: 251/ 6، الدر المختار: 461/ 4، البدائع: 257/ 6).