الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الأرشد الأصلح، فإن ما هو أصلح لك لا يعلمه إلا الله، لا أنت ولا من تشاور، والله هو الذي يرشدك للأفضل بالوحي، روى البيهقي عن ابن عباس قال:«أما إن الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غياً» قال ابن عطية: والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب، هذا ما لا خلاف فيه، وقد مدح الله المؤمنين بقوله:{وأمرهم شورى بينهم} [الشورى:38/ 42]. وقال ابن أبي خُوَيزمَنْداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها (1).
ويلاحظ الفرق بين مجالس الشورى في الشريعة ومجالس الشورى في النظم الوضعية القانونية، فإن مجلس الشورى في الإسلام ليس بمشرِّع، وإنما هو مجرد كاشف وباحث عن حكم الله تعالى، لذا يستوي فيه القلة والكثرة الغالبة. أما مجلس الشورى في الأنظمة الوضعية فهو مشرع، فيلزم الحاكم برأي الأكثرية.
2 - العدل:
العدل بصفة عامة: هو تنفيذ حكم الله، أي أن يحكم طبقاً لماجاءت به الشرائع السماوية الحقة، كما أوحى بها الله إلى أنبيائه ورسله، وهو واجب على كل حاكم حتى على الأنبياء بإجماع العلماء، وهو أساس نظام الحكم الإسلامي وغايته المقصودة، سواء بين المسلمين، أم بينهم وبين الأعداء؛ لأن العدل قوام
(1) راجع تفسير القرطبي: 249/ 4 وما بعدها.
العالمين في الدنيا والآخرة، وبه قامت السموات والأرضون، وهو أساس الملك. وأما الظلم، فهو طريق خراب المدنيات وزوال السلطان (1).
وقد ورد في القرآن عدة آيات تحث عليه، وأكدت عليه أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وطبقه الصحابة فعلاً بين الناس.
فمن الآيات قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل:90/ 16]{وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} [النساء:58/ 4]{وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} [الأنعام:152/ 6]. وجاء نص خاص يوجب العدل مع الأعداء وهو قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله، شهداء بالقسط، ولايجرمنكم شنآن (2) قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى} [المائدة:8/ 5].
ولم يقتصر القرآن على المطالبة بالعدل، وإنما حرم ما يقابله وهو الظلم تحريماً قطعياً صريحاً، قال الله تعالى:{ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} [إبراهيم:42/ 14].
وكذلك الأحاديث النبوية الثابتة أوجبت العدل وحرمت الظلم، قال صلى الله عليه وسلم: «لاتزال هذه الأمة بخيرما إذا قالت صدقت، وإذا حكمت عدلت، وإذا استُرحمت
(1) انظر النظريات السياسية الإسلامية للريس: ص 280 وما بعدها، نظام الحكم في الإسلام ليوسف موسى: ص 191، بحث الدولة الإسلامية للمؤلف، مقدمة ابن خلدون: ص 319، الفصل 44.
(2)
المعنى لا يحملنكم بغضكم للمشركين على أن تتركوا العدل، فتعتدوا عليهم، بأن تنتصروا منهم، وتتشفوا بما في قلوبكم من الضغائن بارتكاب ما لا يحل لكم من مثلة أو قذف أو قتل أولاد أو نساء، أو نقض عهد، أو ما أشبه ذلك (الكشاف: 449/ 1).