الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر كله لله} [آل عمران:154/ 3]{فالحكم لله العلي الكبير} [غافر:12/ 40]{وهو خير الحاكمين} [الأعراف:87/ 7]{وأنزلنا إليك الكتاب، بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق} [المائدة:48/ 5]{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [المائدة:45/ 5] أو {الكافرون} [المائدة:44/ 5] أو {الفاسقون} [المائدة:47/ 5].
المبحث الثاني ـ استخلاف الأمة في تنفيذ الشريعة
الناس وكلاء عن الله في تبليغ وتقرير وتنفيذ أحكامه، ورعاية تطبيقها، وفهم مدلولاتها، عن طريق سلطة الاجتهاد فيما تدل عليه، أو تهدف إليه من غايات، أوتحد من حدود يلزم السير في نطاقها، وتنظم الحياة في محورها، والتوكيل مفهوم من قوله تعالى:{وإذ قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة:30/ 2]. وإذا ورد النص القرآني دالاً على استخلاف بعض الرسل والأنبياء كأحسن مثال، فإن البشر أيضاً من بعدهم هم خلفاء الأرض:{إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح} [الأعراف:69/ 7]{ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} [يونس:14/ 10] {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض
…
} [الأنعام:165/ 6].
وما على الخليفة (1) أو الوكيل إلا أن ينفذ أوامر المستخلف له: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}
(1) ليست الخلافة عن الله تعالى؛ لأنه ليس في البشر شيء من صفات الله العظمى الذي استخلفهم، وإنما هي خلافة الناس بعضهم عن بعض، فهم خلفاء الأرض.
[النساء:58/ 4]{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء:59/ 4].
وقد حددت هذه الآية الأخيرة مصادر التشريع في الإسلام التي تستقى في النهاية من مصدر واحد: وهو الوحي الإلهي، وهذه المصادر هي:
أولاً ـ القرآن الكريم. وتطبيق ما جاء فيه محقق لطاعة الله تعالى.
ثانياً ـ السنة النبوية الصحيحة المبينة لما جاء من عند الله، والعمل بها محقق طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً ـ الاجتهاد الجماعي أو إجماع ذي الفكر المختصين في النظر في شؤون الناس ومصالحهم العامة، وإدراك قضاياهم الدينية أو الدنيوية، من الحكام والأمراء والعلماء ورؤساء الجند وخبراء السياسة والاجتماع والاقتصاد (التجارة والصناعة والزراعة والحرف الفنية والمهنية) والإجماع الذي لا بد له من مستند شرعي نصي أو مصلحي، يمثل إرادة الأمة العامة، لا سيما إذا أخذنا بقول الغزالي الذي لا يقصر الإجماع على العلماء، وإنما يدخل العوام معهم لينعقد الإجماع.
رابعاً ـ الاجتهاد الفردي من قبل العلماء المجتهدين: وهم المؤمنون بالله ورسوله، العارفون بمدارك الأحكام الشرعية وأقسامها وطرق إثباتها، ووجوه دلالتها على مدلولاتها. وتشمل طرق استنباط القواعد والأحكام والأنظمة لديهم عدة أصول، كالقياس والاستحسان والاستصلاح، والعرف والعادة، وسد الذرائع، وقول الصحابي، وشرع من قبلنا، والاستصحاب.
فإن برز اختلاف بين الناس أو بين المجتهدين أو العلماء المتخصصين، عرض الأمر على القواعد العامة والمبادئ التشريعية والأهداف الأساسية المعلومة من
القرآن والسنة على ألا يتعارض الرأي المقول به مع النصوص المحكمة أو الأدلة القطعية، وأن يتفق الحكم المقرر مع روح الإسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا تطبيق لقوله تعالى:{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً} [النساء:59/ 4].
ويتحدد الذين يفصلون في النزاع في صورة هيئة تحكيم أو محكمة دستورية عليا (1)، يختارهم أولو الأمر بالنيابة عن الأمة من العلماء المختصين في موضوع النزاع، ممن اشتهروا بالعلم والمعرفة ورجاحة العقل والعدالة والتقوى والمروءة، كما حصل في تحكيم بعض أهل الشورى الذين اختارهم بعض الخلفاء الراشدين وهو عمر رضي الله عنه للترشيح لمنصب الخلافة، وإتمام البيعة للمرشح من سائر الناس.
ويؤخذ في التصويت برأي الأكثرية أو الأغلبية، عملاً برأي جماعة من الفقهاء القائلين بأن اتفاق أكثر المجتهدين حجة، وإن لم يكن إجماعاً؛ لأن الخلافة لا يشترط فيها الإجماع، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يد الله مع الجماعة» «عليكم بالجماعة والعامة» «اتبعوا السواد الأعظم» (2) هذا ما لم يتبين للإمام الأعظم رجحان رأي الأقلين بدليل أوضح، أو لمصلحة أنسب، وإلا اتبع رأي أهل الشورى وهو معنى (العزم) في آية:{وشاورهم في الأمر} [آل عمران:159/ 3] أي (مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لأبي بكر وعمر مستشاريه:«لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما» (3)، وكما أبان عمر للرهط الستة في كيفية
(1) منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد: ص 125 وما بعدها.
(2)
حديث «يد الله مع الجماعة» رواه الترمذي عن ابن عمر، ورواه النسائي والطبراني عن عرفجة، وحديث «فعليكم بالجماعة» رواه أحمد، ورفعه الطبراني في الكبير عن ابن عمر، وحديث «عليكم بالسواد الأعظم» رواه عبد بن حميد وابن ماجه عن أنس.
(3)
تفسير ابن كثير: 420/ 1، ط الحلبي.