الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجح الدكتور محمد يوسف موسى رأي ابن حزم؛ لأن الأمة الإسلامية موصوفة بأنها آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر، ترفض الظلم، وتقيم شعائر الله، ولكن بشرط واحد وهو أن يقدر تمام التقدير من يرى وجوب الخروج بالقوة على خليفة يستحق العزل شرعاً ضرورة صيانة وحدة الأمة التي ينبغي أن تحرص عليها الحرص كله، وضرورة تجنيبها الفتنة وإراقة الدماء بلا ضرورة (1). وهذا الرأي قريب من رأي المعتزلة الذين يوجبون الخروج على السلطان عند القدرة والإمكان (2).
2 - مناصرة الإمام ومؤازرته:
على المسلمين أن يتعاونوا مع الحاكم في كل ما يحقق التقدم والخير والازدهار في جميع المجالات الخارجية بالجهاد في المال والنفس، والداخلية، بزيادة العمران وتحقيق النهضة الصناعية والزراعية والأخلاقية والاجتماعية، وإقامة المجتمع الخيِّر، وتنفيذ القوانين والأحكام الشرعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء فيما يمس المصلحة العامة أم المصلحة الخاصة (3)، وتقديم النصيحة، وبذل الجهد بتقديم الآراء والأفكار الجديدة التي تؤدي إلى النهضة والتقدم، وتوعية الناس والدعوة لها في السلم والحرب.
ومن المعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام الأساسية المقررة بالتضامن بين الحكومة والأفراد؛ لأن في ذلك إقامة أمر الله وهدم
(1) نظام الحكم في الإسلام ليوسف موسى: ص 158 وما بعدها.
(2)
مقالات الإسلاميين: 466/ 2.
(3)
انظر الأحكام السلطانية للماوردي: ص 236 - 249 لتفصيل كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقوق الله (المجتمع) وحقوق الأشخاص.
كل ما يخالف الإسلام، قال الله تعالى:{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون} [آل عمران:104/ 3]{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله} [آل عمران:110/ 3] وقال تعالى في شأن اليهود بسبب عدم النهي عن المنكر: {لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون} [المائدة:78/ 5].
وجعلت سمة المؤمنين الاجتماعية هي القيام بهذا الواجب في قوله سبحانه: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر} [التوبة:71/ 9].
وورد في السنة النبوية أحاديث كثيرة بهذا المعنى، من أهمها المبدأ العام وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها
…
» (1) الحديث. وقوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهُون عن المنكر، أو ليوشكن الله يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم» (2) وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعو الله فلا يستجيب لكم، وقبل أن تستغفروه فلا يغفر لكم .. » (3).
(1) رواه أحمد والشيخان (البخاري ومسلم) وأبو داود والترمذي عن ابن عمر.
(2)
رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
(3)
رواه الأصبهاني، عن ابن عمر (الترغيب والترهيب، 230/ 3).