الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يجوز الإقرار بالنسب بغير هؤلاء المذكورين من الوالدين والولد والزوج والزوجة، مثل الأخ والعم والجد وابن الابن، وإ ن صدَّقه المقر له؛ لأنه فيه حمل النسب على الغير، إلا إذا ثبت النسب ببرهان، كما سيأتي.
2 - الإقرار بحمل النسب على الغير:
الإقرار من الرجل بالنسب على الغير، كهذا أخي أو عمي:
قد يثبت به النسب بإثباته بالبينة عند أبي حنيفة ومحمد، بواسطة إقرار رجلين أو رجل وامرأتين؛ لأن في الإقرار حمل النسب على غيره، فاعتبر بمثابة الشهادة، فلزم فيه العدد المذكور.
وقال مالك: لا يثبت النسب إلا بإقرار اثنين؛ لأنه يحمل النسب على غيره، فاعتبر فيه العدد كالشهادة.
وقال الشافعي وأحمد وأبو يوسف: إن أقر جميع الورثة بنسب من يشاركهم في الإرث، ثبت نسبه، وإن كان الوارث واحداً ذكراً أو أنثى؛ لأن النسب حق يثبت بالإقرار، فلم يطلب فيه
العدد كالدين، ولأن الإقرار قول لا تشترط فيه عدالة، فلم يصح قياسه على الشهادة (1).
وقد يقتصر الإقرار بالنسب على الغير ممن لا يصح إقراره، كالأخ والعم والجد وابن الابن على
إثبات حق المشاركة في الإرث
(2)، إذا لم يكن للمقر وارث معروف.
(1) المغني: 183/ 5، الشرح الكبير: 417/ 3، مغني المحتاج: 261/ 2 وما بعدها، البدائع: 229/ 7 وما بعدها.
(2)
ويلزم المقر في حق نفسه أيضاً بالنفقة والحضانة، كما يلزم بالإرث إذا تصادق المقر له والمقر على الإقرار؛ لأن إقرارهما حجة عليهما.
وعلى هذا: إن كان للمقر وارث معروف نسبه: قريب كأصحاب الفروض والعصبات، أو بعيد كذوي الأرحام، فالوارث المعروف أولى بالميراث من المقر له؛ لأنه لما لم يثبت نسبه منه، لم يزاحم الوارث المعروف النسب، فلو أقر شخص بأخ وله عمة أو خالة، فالإرث للعمة أو الخالة، ولا شيء للمقر له؛ لأنهما وارثان بيقين، فكان حقهما ثابتاً بيقين، فلا يجوز إبطاله بصرف الإرث إلى غيرهما.
وإن لم يكن للمقر وارث معروف: استحق المقر له ميراثه؛ لأن له ولاية التصرف في مال مال نفسه عند عدم الوارث، فيستحق جميع المال، وإن لم يثبت نسبه منه، لما فيه من حمل النسب على الغير، ولا تعتبر هذه وصية في الحقيقة، حتى إنه يترتب ما يأتي:
من أقر بأخ، ثم أوصى لآخر بجميع ماله: كان للموصى له ثلث جميع ماله خاصة. فالوصية تنفذ من الثلث؛ لأن المقر له بالأخوة وارث في ظنه وزعمه، ولو كان موصى له لاشترك الاثنان في قسمة التركة نصفين، لكن يعتبر الإقرار المذكور يمنزلة الوصية، بدليل أنه يجوز للمقر أن يرجع عن الإقرار؛ لأن نسبه لم يثبت، فلا يلزمه الإقرار؛ لأنه وصية من وجه، فلو أقر شخص في مرضه بأخ، وصدقه المقر له، ثم أنكر المقر وراثته، ثم أوصى بماله كله لإنسان ومات ولا وارث له، كان ماله جميعاً للموصى له. فإن لم يوص لأحد كان ماله لبيت المال؛ لأن رجوعه عن الإقرار صحيح؛ لأن النسب لم يثبت، فبطل إقراره.
وإذا مات إنسان وخلف ابناً واحداً، فأقر بأخ آخر: لم يثبت نسب أخيه؛ لأن فيه حمل النسب على الغير، والإقرار مقبول في حق نفسه غير مقبول في حق غيره، ويشارك المقر له بالأخوة المقر في الإرث من أبيه؛ لأن إقراره تضمن شيئين: حمل النسب على الغير، ولا ولاية له عليه، فلا يثبت النسب، والاشتراك في المال، وله فيه ولاية، فيثبت.