الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَصْلُ الثّاني: انتهاء الحرب بالإسلام أو بالمعاهدات
ينتهي القتال بطرق متعددة منها اعتناق الإسلام، أو عقد معاهدة مع المسلمين أو بالأمان.
المبحث الأول ـ انتهاء القتال بالإسلام:
الكلام هنا عن طرق الدخول في الإسلام، وعن أحكام إعلان الإسلام في ظروف القتال.
أما طرق الدخول في الإسلام، فمنها الصريح، ومنها الضمني، ومنها التبعي.
ف
إعلان الإسلام صراحة:
يكون بالنطق بالشهادتين أو بالشهادة مع التبري من عقيدته السابقة. والكفار في هذا الأمر أصناف أربعة: صنف ينكرون وجود الله وهم الدُهرية، وصنف ينكرون وحدانية الخالق وهم الوثنية والمجوس، وصنف يقرون بوجود الله ووحدانيته إلا أنهم ينكرون النبوة والرسالة، وصنف ينكرون فقط رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فإن كان الكافر من الصنف الأول والثاني، فيكفي أن يقول ليُحكم بإسلامه: لا إله إلا الله، أو يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» (1).
عن أبي مالك عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله» (2).
وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة حبر من أحبار اليهود أنه قال للنبي: «لقد صدقت، وإنك لنبي» ثم انصرف (3).
وإن كان الكافر من الصنف الثالث: فلا يكفي أن يقول: لا إله إلا الله، وإنما لا بد من أن ينطق بالشهادة الأخرى، فيقول: أشهد أن محمداً رسول الله. وحينئذ يحكم بإسلامه.
وإن كان من الصنف الرابع، فلا يكفيه النطق بالشهادتين، وإنما ينبغي عليه أن يتبرأ من الدين الذي عليه من اليهودية أو النصرانية. ولا يقبل إسلامه أيضاً إذا قال: أنا مؤمن، أو مسلم، أوآمنت، أو أسلمت؛ لأن اليهود والنصارى يدعون أنهم مؤمنون، أو مسلمون على النحو الذي هم عليه. هذا ما قرره الإمام محمد، وكان ذلك بحسب زمنه، أما الآن فالمفتى به ما قاله ابن عابدين: يكفي أن يقول اليهودي والنصراني: أنا مسلم؛ لأن اليهود والنصارى يمتنعون من قول: (أنا مسلم) فإذا قال أحدهم: (أنا مسلم) فهو دليل إسلامه (4).
(1) هذا حديث متواتر عن تسعة عشر صحابياً بألفاظ، منها: ما رواه مسلم والبخاري وأبو داود وغيرهم عن أبي هريرة، ومنها: ما رواه الشيخان عن ابن عمر، ومنها: ما رواه البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي عن أنس، ومنها غير ذلك (راجع العيني شرح البخاري: 215/ 14، شرح مسلم: 210/ 1، سنن البيهقي: 182/ 9، نيل الأوطار: 197/ 7 وما بعدها، نصب الراية: 379/ 3، النظم المتناثر: ص 29).
(2)
أخرجه مسلم (راجع شرح مسلم: 212/ 1، جامع الأصول: 161/ 1).
(3)
أخرجه مسلم (راجع صحيح مسلم: 99/ 1).
(4)
رد المحتار على الدر المختار: 315/ 3.