الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ..... ..... ولاسراة إذا جهالهم سادوا
وهذا يعني أن ضرورات الحياة والحفاظ على حقوق الإنسان تقتضي وجوب الإمامة أو السلطة.
3ً -
برهان الوظيفة:
إن قيام الإنسان بوظيفته بكونه خليفة الدنيا في الأرض وحامل الأمانة: (الفروض والتكاليف الدينية) يتوقف على وجود السلطة السياسية التي تمكنه من أداء وظيفته على نحو أكمل.
وهذه الواجبات لا تتحقق إلا في ظل وجود دولة، سواء أكانت عبادات محضة كالصلوات والحج والعمرة أم شعائر عامة كالأذان والجمعة والأعياد، أم معاملات اجتماعية كالعقود بأنواعها، أم تكاليف جماعية كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة المجتمع الفاضل والتعاون في سبيل الخير، وقمع الشر، ومحاربة الأهواء.
وجدير بالذكر أن كل رسالة إصلاحية وعلى رأسها الإسلام لا يمكن أن يقر قرارها أو تظهر فائدتها إلا في سياج منيع من القوة المانعة والسطوة الرادعة التي تلازم وجود الدولة.
وغريب أن نجد فكرة سديدة تخالف هذا المنطق أو تتجافى مع هذا التصور. قال النسفي: «والمسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم، وإقامة حدودهم، وسد ثغورهم، وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق، وإقامة الجمع والأعياد، وقطع المنازعات الواقعة بين العباد، وقبول الشهادات القائمة على الحقوق، وتزويج الصغار والصغيرات الذين
لا أولياء لهم، وقسمة الغنائم (1)، أي ونحو ذلك من الأمور المتطلبة لوجود الحاكم».
وهناك برهان آخر يستتبع القيام بالوظيفة المقدسة للبشر: وهو أن مرفق القضاء الذي تقوم به الدولة أمر ضروري لفض المنازعات الدائمة بين البشر، لا سيما بعد زوال النظام القبلي الذي يحكم فيه رئيس القبيلة بالعرف والهوى الشخصي، وعدم جدوى اللجوء إلى التحكيم إذا تعذر اتفاق المتخاصمين، فلم يبق إلا القضاء الذي يلجأ إلىه كل إنسان بمفرده.
ومهمة القضاء في الإسلام لا تقتصر على إقامة العدل بالمفهوم الإلهي، وفصل الخصومات، وتطبيق أحكام الشريعة، وإنما يشمل كل ما من شأنه رعاية الحرمات الدينية، واحترام الفضيلة، وإقرار المعروف، ومكافحة المنكرات والفواحش بمختلف ألوانها.
فلولا القضاء لاستأصل البشر بعضهم، وهلكوا جميعاً، فكان وجوده رحمة، وتنظيمه فريضة، وقيام الدولة به ووجودها من أجله أمراً محتماً.
(1) شرح العقائد النسفية للتفتازاني: ص 142 وما بعدها.
(2)
المرجع السابق.