الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجائز أن تباشر دولة أو هيئة دولية سلطة فعلية في إقليم لا يخضع لسيادتها، ومثالها نظامان:
1 -
الإيجار: ومقتضاه أن تؤجر الدولة جزءاً من إقليمها لدولة أخرى، وتتولى الدولة المستأجرة إدارة الإقليم محل الإيجار، واستخدامه مقابل أجر معين تدفعه للدولة المؤجرة، كاستئجار أمريكا لمدة (90) عاماً بعض مناطق في نيوفوندلند وبرمودا من إنجلترا بموجب اتفاقية سنة (1941م).
2 -
الإدارة: ومقتضاه أن تتنازل دولة عن إدارة جزء من إقليمها إلى دولة أخرى، وتتولى الدولة المديرة إدارة الإقليم نيابة عن الدولة الأولى، ولمصلحة هذه الدولة، كنظام الوصاية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة.
ب ـ التمييز بين السيادة والملكية:
23 ـ للسيادة في القانون الدولي مدلول قانوني مبناه اعتبار الدولة أعلى سلطة في داخل إقليمها، واعتبار هذا الإقليم النطاق الذي تباشر الدولة سلطتها فيه، ولا يمكن تشبيه سلطات الدولة واختصاصاتها بالملكية الخاصة لفرد من الأفراد. فالقانون الداخلي لكل دولة يختص بتنظيم ملكية الأفراد أو الملكية العامة بتأثير مبادئ ونظريات معينة، وملكية الدولة لبعض الأموال في داخل إقليمها أو في أقاليم دولة أخرى شيء مختلف عن السيادة الإقليمية.
بعد هذا التمهيد أذكر أموراً ثلاثة:
أولاً ـ فكرة السيادة في الدولة الإسلامية:
24 ـ تتمتع الدولة الإسلامية بصفة السيادة في النطاقين الداخلي والخارجي بدءاً من الحكومة النبوية في المدينة وما تلاها من عهود مستقلة.
ففي النطاق الداخلي: للدولة الهيمنة التامة على جميع الأشخاص والهيئات القائمة في دار الإسلام. فتلتزم الرعية بالطاعة والسمع ضمن حدود الشرع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف)(1). وقال الماوردي: بعد أن ذكر ما يلزم الإمام من الأمور العامة: (وإذا قام الإمام بما ذكرناه من حقوق الأمة، فقد أدى حق الله تعالى فيما لهم وعليهم، ووجب له عليهم حقان: (الطاعة والنصرة) ما لم يتغير حاله. والذي يتغير به حاله، فيخرج به عن الإمامة شيئان: أحدهما: جرح في عدالته. والثاني: نقص بدنه. فأما الجرح في عدالته وهو الفسق فهو على ضربين: أحدهما: ما تابع فيه الشهوة، والثاني: ما تعلق فيه بشبهة، فأما الأول منهما فمتعلق بأفعال الجوارح: وهو ارتكاب للمحظورات وإقدامه على المنكرات تحكيماً للشهوة وانقياداً للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها
…
الخ) (2).
وفي موضوع تقليد الإمارة على الجهاد، قال الماوردي أيضاً: وأما ما يلزمهم -أي الجيش في حق الأمير عليهم - فأربعة أشياء:
ـ أحدها: التزام طاعته والدخول في ولايته، لأن ولايته عليهم انعقدت وطاعته بالولاية وجبت.
ـ والثاني: أن يفوضوا الأمر إلى رأيه ويكلوه إلى تدبيره، حتى لاتختلف آراؤهم فتختلف كلمتهم، ويفترق جمعهم.
ـ والثالث: أن يسارعوا إلى امتثال الأمر والوقوف عند نهيه وزجره، لأنهما من لوازم طاعته.
(1) رواه مسلم من حديث علي (شرح مسلم للنووي: 226/ 12 وما بعدها).
(2)
الأحكام السلطانية: ص 15، وانظر الأحكام السلطانية لأبي يعلى: ص 8، 30.