الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو وصل باللفظ شرطاً، مثل: إن دخلت الدار (1)، بحيث لا يسمع القاضي كلامه، لم يدفع ما ذكر إثم اليمين الفاجرة، وإلا ضاع المقصود من اليمين وهو حصول الهيبة من الإقدام عليها.
أثر اليمين في الدعوى:
أما أثر اليمين في الدعوى فهو يترتب عليها قطع الخصومة والمنازعة وعدم المطالبة بالحق في الحال لا مطلقاً، وإنما مؤقتاً إلى وقت إمكان إقامة البينة، فلا تفيد اليمين براءة ذمة المدعى عليه عند جمهور العلماء (2)، لما روى ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً بعد ما حلف، بالخروج من حق صاحبه، كأنه صلى الله عليه وسلم علم كذبه» (3) فدل على أن اليمين لا توجب براءة.
القضاء بشاهد ويمين:
إذا أقام المدعي شاهداً، وعجز عن تقديم شاهد آخر وحلف مع شاهده، هل يقضى به بشاهده ويمينه؟
1 -
قال الحنفية (4): لا يقضى بالشاهد الواحد مع اليمين في شيء، لقوله تعالى:{واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} [البقرة:282/ 2] وقوله سبحانه: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق:2/ 65] طلب القرآن الكريم إشهاد رجلين أو رجل وامرأتين، فقبول الشاهد الواحد ويمين المدعي زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ، والنسخ في القرآن الكريم لا يجوز إلا بمتواتر أو مشهور، وليس هناك واحد منهما.
(1) مغني المحتاج: 475/ 4.
(2)
البدائع: 229/ 6، مغني المحتاج: 477/ 4، بداية المجتهد: 454/ 2.
(3)
رواه أبو داود والنسائي والحاكم وأحمد عن ابن عباس.
(4)
المبسوط: 30/ 17، البدائع: 225/ 6، مقارنة المذاهب في الفقه للأستاذين شلتوت والسايس: ص 128.
واستدلوا بالسنة أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وأحمد: «ولكن اليمين على المدعى عليه» وفي لفظ «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» وقال صلى الله عليه وسلم لمدعٍ: «شاهداك أو يمينه» (1).
فالحديث الأول أوجب اليمين على المدعى عليه، فلو جاز القضاء بشاهد ويمين المدعي، لما بقيت اليمين واجبة على المدعى عليه. ثم إنه في هذا الحديث وفي الحديث الثاني جعل الرسول عليه الصلاة والسلام جنس اليمين حجة للمنكر، فإن قبلت يمين المدعي، لم يكن جميع أفراد اليمين على المنكرين.
وكذلك تضمن الحديث الثاني قسمة وتوزيعاً بين المتخاصمين، والقسمة تنافي اشتراك الخصمين في أمر وقعت القسمة فيه.
والحديث الثالث خير المدعي بين أمرين لا ثالث لهما: إما البينة أو يمين المدعى عليه، والتخيير بين أمرين يمنع تجاوزهما إلى غيرهما أو الجمع بينهما.
2 -
وقال جمهور الفقهاء (2): يقضى باليمين مع الشاهد في الأموال، واستدلوا بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أنه قضى بشاهد ويمين» (3).
(1) رواه البخاري ومسلم وأحمد عن الأشعث بن قيس (نيل الأوطار: 302/ 8).
(2)
راجع بداية المجتهد: 456/ 2، الشرح الكبير للدردير: 47/ 4، المهذب: 301/ 2، 334، مغني المحتاج: 443/ 4، 482، المغني: 151/ 9، 225، الميزان: 200/ 2، مقارنة المذاهب في الفقه للأستاذين شلتوت والسايس: ص 129، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: ص 132 وما بعدها.
(3)
هذا الحديث متواتر، رواه أكثر من عشرين صحابياً كما ذكر ابن الجوزي والبيهقي، روى ذلك في خلافياته والصحابة كأبي هريرة وعمر وابن عمر وعلي وابن عباس وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وسعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو، والمغيرة بن شعبة، وعمارة بن حزم، وسُرَّق، بأسانيد حسان، وأصحها حديث ابن عباس الذي أخرجه مسلم وأحمد وأصحاب السنن الأربعة، والدارقطني والبيهقي (راجع نصب الراية: 96/ 4 وما بعدها، نيل الأوطار: 282/ 8، النظم المتناثر من الحديث المتواتر: ص 109، مجمع الزوائد: 202/ 4، سبل السلام: 131/ 4، الإلمام: ص 521).