الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
إذا كان تاريخ أحدهما أسبق من الآخر: فالأسبق أولى؛ لأن كلاً من الخارجين ينطبق عليه وصف المدعي، فكانت بينتاهما مسموعتين مقبولتين قضاء، فترجح إحداهما بأسبقية التاريخ؛ لأنها أثبتت الملك في وقت لم تعارضه فيه البينة الأخرى، فيؤمر صاحب اليد بتسليم الشيء المتنازع عليه إلى المقضي له، إلى أن يثبت الآخر انتقال الملكية إليه بطريق ما.
4 -
إن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر: يقضى بينهما نصفين عند أبي حنيفة، ولا عبرة للتاريخ؛ لأن الملك المؤرخ يحتمل أن يكون سابقاً عن تاريخ ملك الآخر، ويحتمل أن يكون متأخراً عنه، لوجود احتمال أن صاحب الملك الآخر لو أرخ لكان تاريخه أقدم، ونظراً لطروء الاحتمال في التاريخ، سقط اعتباره، فبقي ادعاء ملك مطلق بالنسبة لكل منهما. وعند أبي يوسف: يقضى لصاحب الوقت، أي صاحب الملك المؤرخ؛ لأن البينة المؤرخة أظهرت الملك في زمان لا تعارضها فيه بيقين البينة المطلقة عن التاريخ، بل تحتمل المعارضة وعدم المعارضة، فلا تثبت المعارضة بالشك، فتثبت بينة صاحب التاريخ بلا معارض، فيكون هو أولى بالشيء.
وعند محمد: يقضى لصاحب الملك المطلق الذي لم تذكر بينته تاريخاً؛ لأن البينة القائمة على الملك المطلق أقوى؛ إذ أنه مالك من الأصل حكماً، بدليل استحقاقه زوائد الشيء من أولاد وألبان وأصواف وغلات ونحوها.
الثالث ـ تعارض الدعويين في ملك مطلق بين ذوي اليد:
إذا كانت هناك دار يحوزها اثنان، أي تحت يدهما، فادعاها كل منهما، وأقام كل منهما بينة على ملكيته لها، فقال الشافعية على الصحيح (1): تهاترت البينتان،
(1) مغني المحتاج: 480/ 4، المهذب: 311/ 2.
أي تساقطتا وبطلتا لتعارضهما وتناقض موجبهما، كتعارض الدليلين دون مرجح لأحدهما، فيقضى ببقاء الدار في يدهما، كما كانت قضاء ترك، إذ ليس أحدهما أولى بها من الآخر. وفي قول: يقرع بينهما كما أشرت سابقاً.
وقال الحنابلة: إذا تنازع رجلان في عين في أيديهما، وأقام كل واحد منهما بينة، وتساوت البينتان، تعارضتا، وقسمت العين بينهما نصفين، لما روى أبو موسى رضي الله عنه:«أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعير فأقام كل واحد منهما شاهدين، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبعير بينهما نصفين» رواه أبو داود، ولأن كل واحد من المتنازعين يعد بالنسبة لما في يده داخلاً في نصف الشيء، وخارجاً عن النصف الآخر (1) وقد عرفنا أنه يقضى ببينة الخارج؛ لأنه هو المدعي.
وقال الحنفية في الجملة: يقضى بالشيء بين صاحبي اليد نصفين، إلا أن تكون بينة أحدهما أسبق تاريخاً من بينة الآخر، وتفصيله فيما يأتي (2).
1 -
إن أقام كل واحد من صاحبي اليد بينة أن الشيء له: فإنه يقضى لكل واحد منهما بالنصف الذي في يد صاحبه؛ لأنه كما ذكر عند الحنابلة يعتبر خارجاً بالنسبة لذلك النصف، والخارج: هو المدعي، وهوالذي تقبل بينته، وأما النصف الذي في يده فيترك في يده قضاء ترك، وعلى هذا فكأن الدار الواحدة بمنزلة دارين، في يد كل واحد منهما دار، وكل واحد منهما يدعيها، فكان كل واحد منهما مدعياً لما في يد صاحبه، فعليه البينة، ومنكر الدعوى: صاحبه بالنسبة لما في يده.
(1) المغني: 280/ 9 وما بعدها.
(2)
البدائع: 240/ 6 ومابعدها، تكملة فتح القدير: 248/ 6 ومابعدها، المبسوط: 32/ 17، الدر المختار: 460/ 4، الكتاب مع اللباب: 32/ 4.