الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - الأقاليم المشتركة بين عدة دول:
19 -
تمارس الدولة المسلمة سيادتها على الأجزاء المشتركة بينها وبين دول أخرى بحسب المعاهدة أو الاتفاق المعقود، كما هو الحال بالنسبة إلى نظام المضايق التركية التي تشرف تركيا بموجبه على مضايق البوسفور والدردنيل بمقتضى معاهدة مونتريه في (26) تموز (يوليو) سنة (1936م)، مع الحفاظ على مبدأ حرية الملاحة للسفن التجارية. وكما هو شأن مضيق جبل طارق وطنجة الموضوعة في حالة حياد دائم بموجب اتفاقية تدويلها سنة (1923م) وكذلك المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية في الشمال والجنوب الشرقي تحكمها الاتفاقيات المعقودة. وهذا كله يعني أن سيادة الدولة على الإقليم المشترك إما ناقصة أو معدومة فلا تتبع دولة ما بحكم الحياد.
5 - ما لا يعتبر جزءاً من الإقليم ويمكن اعتباره امتداداً مشتركاً مشاعاً لإقليم كل دولة:
20 - إن المناطق الحرة غير التابعة لدولة ما يمكن اعتبارها في الإسلام مشاعة لكل الدول على السواء؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولأنها لا تخضع لحيازة أحد، فتنتفع بها كل الدول بشرط عدم الإضرار بالآخرين كتلويث مياه البحار والجو بالغبار الذري، لأن الضرر ممنوع شرعاً لقوله عليه الصلاة والسلام:«لا ضرر ولا ضرار» (1). وتشتمل هذه المناطق ما يأتي:
(1) رواه مالك في الموطأ وأحمد في مسنده، وابن ماجه والدارقطني في سننهما عن ابن عباس وعبادة (الفتح الكبير وغيره).
أـ أعالي البحار (1): الأصل في الشريعة أن البحار العامة ليست ملكاً لأحد (2) لعدم الحيازة لها، سئل بعض فقهاء الحنفية عن البحر الملح أمن دار الإسلام أو دار الحرب؟ فأجاب بأنه ليس من أحد القبيلين، لأنه لا قهر لأحد عليه (3). ويؤيد ذلك الاعتماد على بعض قواعد الإسلام لتقرير مبدأ حرية البحار مثل مبدأ العدالة ومبدأ المساواة وقاعدة الحيازة الفعلية أو الحيازة الحكمية وأن الأصل في الأشياء والأعيان الإباحة، فالعدالة والمساواة تقضيان بجعل البحار مشاعة لجميع الدول، إذ لا حيازة لإحدى الدول عليها فعلاً أو حكماً مما يوجب رفض القول بمبدأ ملكية البحار والسعي لتقرير مبدأ حريتها (4).
ب ـ الفضاء الكوني (5): يعتبر الفضاء الكوني أيضاً حراً يجوز لكل دولة الانتفاع به قياساً على مبدأ حرية البحار العامة السابق ذكره لعدم الاستيلاء أو حيازة دولة ما له، ولكن مع مراعاة الشرط السابق وهو عدم الإضرار بالآخرين.
(1) المقصود بأعالي البحار في العرف الحاضر: كل أجزاء البحر التي لا تدخل في البحر الإقليمي أو في المياه الداخلية لدولة من الدول (حافظ غانم، المرجع السابق: ص 405). ويقصد بحرية البحار: أن يكون لكافة الدول أن تنتفع بها على قدم المساواة. ولا تخضع السفينة الموجودة في أعالي البحار إلا لاختصاص الدولة التي ترفع علمها.
(2)
التشريع الجنائي الإسلامي لعودة: 296/ 1.
(3)
رد المحتار على الدر المختار: 267/ 3 و 277، ط الحلبي، وانظر التفصيل في بحث دار الإسلام ودار الحرب للمؤلف.
(4)
بدأ رجال الكنيسة الكاثوليكية وعلى رأسهم البابا في العصر الوسيط بإدخال البحار في ملكية ملوك أوربا كي يتسنى لهم محاصرة الدولة الإسلامية عن طريق البحر المكتشف أو الذي سيعرف (ر: أحكام القانون الدولي في الشريعة لحامد سلطان: ص 243، نظم الحكم والإدارة في الشريعة والقوانين لعلي منصور: ص 312).
(5)
توصلت بعض الدول الكبرى في عصرنا الحاضر إلى الفضاء الكوني بقذائف صاروخية تحمل كواكب صناعية تدور حول الكواكب السماوية، وتشرف على الكرة الأرضية، وتصور أي جزء منها، وترسل معلومات فلكية عن الفضاء والأشعة الشمسية إلى الدولة التي أطلقتها.