الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
46 -
و
الأمر بالمعروف:
هو الترغيب في كل ما ينبغي قوله، أو فعله طبقاً لقواعد الإسلام. والنهي عن
المنكر:
هو الترغيب في ترك ما ينبغي تركه، أو تغيير ما ينبغي تغييره طبقاً لما رسمه الإسلام (1).
والمعروف: هو كل قول أو فعل ينبغي قوله أوفعله طبقاً لنصوص الشريعة الإسلامية، ومبادئها العامة وروحها (2)، كالتخلق بالأخلاق الفاضلة والعفو عند المقدرة، والإصلاح بين المتخاصمين وإيثار الآخرة على الدنيا، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وإقامة المعاهد والملاجئ والمستشفيات ونصرة المظلوم والتسوية بين الخصوم في الحكم، والدعوة إلى الشورى، والخضوع لرأي الجماعة وتنفيذ مشيئتها، وصرف الأموال العامة في مصارفها، إلى غير ذلك (3).
والمنكر: هو كل معصية حرمتها الشريعة سواء أوقعت من مكلف أم غير مكلف (4)، فمن رأى صبياً أو مجنوناً يشرب خمراً فعليه أن يمنعه ويريق خمره، ومن رأى مجنوناً يزني بمجنونة أو يأتي بهيمة، فعليه أن يمنع ذلك (5)، وعرف الغزالي المنكر: بأنه كل محذور الوقوع في الشرع (6).
(1) الإسلام وأوضاعنا السياسية للاستاذ عودة: ص 71.
(2)
وبعبارة أخرى: المعروف: هو كل هذه الأصول الكلية التي فرضها الإسلام لصالح المجتمع الإسلامي، وكل ما يُبنى علىها مما تعرفه العقول الراجحة والفطر السليمة (ر: تفسير المنار: 27/ 4، التفسير الواضح: 30/ 9 و 61/ 10 و 58/ 14، نظام الحكم في الإسلام للدكتور عبد الله العربي: ص45 و 61).
(3)
التشريع الجنائي الإسلامي: 492/ 1.
(4)
وبعبارة أخرى: المنكر: هو كل مانهت عنه أصول الشرع الكلية، وكل ما يقاس عليها في إلحاق الأذى بالمجتمع مما تنكره العقول والفطر السليمة (الدكتور العربي، المكان السابق).
(5)
التشريع الجنائي، المكان السابق.
(6)
إحياء علوم الدين للغزالي: 285/ 2، ط العثمانية. قال الغزالي: وعدلنا عن لفظ المعصية إلى هذا (أي محذور الوقوع) لأن المنكر أعم من المعصية، إذ من رأى صبياً أو مجنوناً يشرب الخمر فعليه أن يريق خمره ويمنعه، وكذا إن رأى مجنوناً يزني بمجنونة أو بهيمة فعليه أن يمنعه منه.
47 -
وقد أوجب الله على الحكومة والأفراد القيام بواجب الأمر والنهي، لأن في ذلك إقامة أمر الله وهدم كل ما يخالف الإسلام، ومن أهم واجبات الدولة ـ كما ذكر الماوردي وغيره ـ إقامة الإسلام بالقضاء على الشرك ومظاهره، والتمكين لدين الله الحنيف، قال الله تعالى:{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون} [آل عمران:104/ 3]{الذين إن مكّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور} [سورةالحج:41/ 22]{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران:110/ 3]{لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} [المائدة:78/ 5 - 79].
وحرض القرآن الكريم أيضاً على ضرورة تعاون المؤمنين في القيام بهذا الواجب، فقال سبحانه:{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} [التوبة:71/ 9].
وأيدت السنة النبوية ذلك المفهوم، فقال صلى الله عليه وسلم:«كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته» (1)، «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (2) «إن
(1) رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن ابن عمر (جامع الأصول: 444/ 4، الفتح الكبير، مجمع الزوائد: 207/ 5).
(2)
رواه مسلم وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري (جامع الأصول: 228/ 1).
الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب» (1)، «أفضل الجهاد كله حق عند سلطان وأمير جائر» (2)، «والذي نفسي بيده لتأمرُن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم» (3).
هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تدل على أن غاية الدولة الإسلامية ليست سلبية، وإنما لها غاية إيجابية أيضاً، أي ليس من مقاصدها المنع من العدوان، وحفظ حرية الناس فقط، بل إن هدفها الأسمى هو نظام العدالة الاجتماعية الذي جاء به كتاب الله، وغايتها في ذلك النهي عن جميع أنواع المنكرات التي منعها الله تعالى. قال ابن تيمية: إن صلاح المعاش والمعاد في طاعة الله ورسوله، ولا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس (4).
48 -
ووسائل دفع المنكر كثيرة، منها التعريف والبيان، والوعظ والإرشاد، والدعوة والتبليغ، والتربية والتعليم، والتعنيف، والتغيير باليد، والتهديد بالضرب والقتل، والاستعانة بالغير، والقوة السياسية، والرأي العام والنفوذ
(1) رواه الترمذي وأبو داود من حديث قيس بن أبي حازم عن أبي بكر (جامع الأصول: 233/ 1) وذكره ابن تيمية في السياسة الشرعية: ص 75 بلفظ (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه).
(2)
رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري واللفظ لأبي داود (جامع الأصول: 235/ 1).
(3)
رواه الترمذي عن حذيفة بن اليمان وقال: «حديث حسن غريب» ورواه ابن ماجه من حديث حديث عمرو بن أبي عمرو (جامع الأصول، المكان السابق، تخريج أحاديث إحياء علوم الدين للعراقي: 270/ 2 وما بعدها).
(4)
السياسة الشرعية: ص 73.