الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واليمين تسقط بها دعوى المدعي الذي لا بينة له. وكذلك عند الإمام مالك: يثبت بها حق المدعي الذي أنكره عليه خصمه.
والنكول عن اليمين من المدعى عليه يثبت به الحق للمدعي في الأموال عند أبي حنيفة (1). ويقضى عند المالكية بالنكول مع شاهد أو يمين المدعي أو مع يمين المدعى عليه (2). وهل للقاضي أن يقضي بعلمه أو بكتاب قاض آخر إليه أو بالشهادة على الشهادة
1 - قضاء القاضي بعلم نفسه:
قال المالكية والحنابلة: لا يقضي الحاكم بعلم نفسه في حد ولا غيره، سواء علم ذلك قبل القضاء وبعده، ويجوز له أن يقضي بما علمه في مجلس القضاء، بأن أقر بين يديه طائعاً. ودليلهم على عدم الجواز قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن (3) بحجته من بعض، فأقضي بنحوٍ مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً، فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار» (4) فدل على أنه يقضي بما يسمع، لا بما يعلم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في قضية
(1) البدائع، المرجع السابق: ص 6، بداية المجتهد: 451/ 2 ومابعدها، الشرح الكبير للدردير: 151/ 4.
(2)
القوانين الفقهية: ص 302.
(3)
أي أفطن بها، ويجوز أن يكون معناه: أفصح تعبيراً وأظهر احتجاجاً حتى يخيل أنه محق، وهو في الحقيقة مبطل. والأرجح في المعنى: أنه أبلغه أي أحسن إيراداً للكلام مع أنه كاذب.
(4)
رواه الجماعة: أحمد وأصحاب الكتب الستة عن أم سلمة، ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر، لكن فيه متروك (نيل الأوطار: 278/ 8، شرح مسلم: 4/ 12، مجمع الزوائد: 198/ 4، الإلمام: ص 514).
الحضرمي والكندي: «شاهداك أو يمينه، ليس لك منه إلا ذاك» (1)، وهناك آثار عن بعض الصحابة تؤيد عدم جواز القضاء بعلم نفسه (2).
وقال الحنفية: القضاء بعلم القاضي بنفسه: بالمعاينة، أو بسماع الإقرار، أو بمشاهدة الأحوال، فيه تفصيل:
1 -
إن قضى القاضي بعلم حدث له، في زمن القضاء وفي مكانه، في الحقوق المدنية كالإقرار بمال لرجل، أو الشخصية كطلاق رجل امرأته، أو في بعض الجرائم: وهي قذف رجل أو قتل إنسان، جاز قضاؤه. ولا يجوز قضاؤه بعلم نفسه في جرائم الحدود الخالصة لله عز وجل، إلا أن في السرقة يقضي بالمال، لا بالقطع؛ لأن الحدود يحتاط في درئها، وليس من الاحتياط فيها الاكتفاء بعلم القاضي.
2 -
إذا قضى القاضي بعلم نفسه قبل أن يقلد منصب القضاء، أو بعد أن قلد، لكن قبل أن يصل إلى البلد الذي ولي قضاءه، فإنه لا يجوز عند أبي حنيفة أصلاً.
وعند الصاحبين: يجوز فيما سوى الحدود الخالصة لله عز وجل، قياساً على جواز قضائه فيما علمه في زمن القضاء.
ورد أبو حنيفة بأن القياس مع الفارق، فالعلم المستفاد في زمن القضاء علم في وقت يكون القاضي فيه مكلفاً بالقضاء، فأشبه البينة القائمة فيه، أما العلم الحاصل في غير زمان القضاء: فهو علم في وقت لا يكون القاضي مكلفاً فيه
(1) رواه أحمد والشيخان عن الأشعث بن قيس (نيل الأوطار: 302/ 8).
(2)
المغني: 53/ 9 وما بعدها، الشرح الكبير للدردير: 158/ 4، نيل الأوطار: المرجع السابق: ص 286، بداية المجتهد: 458/ 2 وما بعدها.