الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحافظ العرب على هذا النظام الإداري في البلاد التي فتحوها، مع إحداث تغيير جزئي فيها اقتضته الروح العربية، ولكن بتقدم الدولة، واتساع حدودها، تعقَّد النظام الإداري جزئياً، وتعددت الدواوين، ولا سيما في عهد العباسيين الذين تأثروا بالفرس
كثيراً في نظم الحكم والإدارة (1).
وأملى هذا التطور على الفقهاء ضرورة البحث في طبيعة هذه الولايات وما يلائمها من أحكام تمس سياسة الدولة.
فقسموا، أي الفقهاء، الولاية أو الإمارة إلى قسمين: عامة وخاصة.
1 - الإمارة العامة:
وهي التي تختص بجميع الأمور المتعلقة بالإقليم سواء فيما يتعلق بالأمن وحاجات الدفاع، أم بالقضاء وشؤون المال. وهي نوعان: إمارة استكفاء وإمارة استيلاء.
1 ً) ـ
إمارة الاستكفاء
(2): وهي التي يعقدها الإمام لشخص كفء عن رضا واختيار. بأن يفوض إليه الخليفة إمارة بلد أوإقليم ولاية على جميع أهله، ونظراً في المعهود من سائر أعماله، فيصير عام النظر فيما كان محدوداً من عمل، ومعهوداً من نظر، أي أنه مفوض الصلاحية العامة في كل الأعمال المسندة إليه. وقد بقيت هذه الإمارة من عهد الراشدين بتعيين الولاة على أقاليم مصر أو اليمن أو الشام أو العراق، إلى عصر الأمويين والعهد الذهبي للدولة العباسية. ثم انتشرت إمارة الاستيلاء مند النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حيث وجدت الدويلات في المشرق والمغرب، كالدولة البويهية والسامانية والغزنوية والسلجوقية في الشرق، والطولونية والإخشيدية والأغلبية في الغرب (3).
(1) السلطات الثلاث: 296 - 299.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي: ص 27 وما بعدها.
(3)
النظريات السياسية للريس: ص 234.
وأما الأعمال التي كان يمارسها صاحب هذه الإمارة فهي سبعة (1) وهي:
1 -
النظر في تدبير الجيوش وترتيبهم في النواحي، وتقدير أرزاق الجند، إلا أن يكون الخليفة قدرها، فيعمل بما قرر.
2 -
النظر في الأحكام وتقليد القضاة والحكام.
3 -
جباية الخراج وقبض الصدقات وتقليد العمال لها، وتفريق ما استحق منها.
4 -
حماية الدين والذب، أي الدفاع، عن الحريم ومراعاة الدين من تغيير أو تبديل.
5 -
إقامة الحدود في حق الله وحقوق الآدميين.
6 -
الإمامة في صلاة الجمع والجماعات بنفسه أو بالاستخلاف عليها.
7 -
تسهيل أداء فريضة الحج كل عام.
وهناك واجب ثامن على والي البلاد الساحلية أو المجاورة لحدود العدو (الثغور): وهو جهاد الأعداء وقسمة الغنائم على وفق أحكام الشرع.
والشروط المطلوبة فيمن يعين لهذه الإمامة: هي ذات الشروط المقررة في وزارة التفويض؛ لأن الفرق بينهما إقليمي بحت، فسلطة وزير التفويض عامة في كل أنحاء الدولة، وأما اختصاص أمير الإقليم فمقيد في نطاق إقليمه. وحينئذ يكون لوزير التفويض الحق في مراقبة أعمال ولاة الأقاليم، بل وله عزلهم أحياناً إذا
(1) الماوردي: ص 28.