الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا وبر إلا أن تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم، وتقتلوا رجالهم» (1)«الخلق كلهم عيال الله، فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله» (2).
80 -
وعلى الدولة المسلمة التقيد بهذه التعاليم لحماية ودعم مبدأ السلام العالمي، سواء أكان التهديد قريباً من حدودها أم بعيداً عن أراضيها، لأن انفجار الحرب ـ لا سيما في عصرنا الحاضر ـ يعرِّض العالم كله إلى هزات عنيفة، ويبعد أن تكون دولة فيه بمأمن من لظاها وآثامها، ولأن الإسلام يكره إراقة الدماء في أي مكان وبالنسبة لكل إنسان إلا للضرورة كما يبين من كلام فقهائنا في الواجب الآتي عند بحث حماية الكرامة الإنسانية.
4 - دعم مبادئ كرامة الإنسان والعدالة والحرية والمساواة في العالم أجمع:
81 -
الإسلام ـ كما هو معروف ـ نظام عام للبشرية في أصل رسالته السماوية حتى تتحقق به الحياة الطيبة، وتتوافر للناس سعادة الدنيا والآخرة، لذا فإنه يقيم نظامه الاجتماعي على أسس ثابتة أهمها ما يأتي:
أـ حماية الكرامة الإنسانية:
أعلن الإسلام مبدأ كرامة الإنسان، فهو أكرم مخلوق على الأرض، والكرامة حق طبيعي لكل إنسان، فلا يجوز إهدار كرامته، أو إباحة دمه وشرفه سواء أكان محسناً أم مسيئاً، مسلماً أم غيرمسلم، لأن العقاب إصلاح وزجر، لا تنكيل وإهانة، ولا يحل شرعاً السب والشتم والاستهزاء
(1) شرح السير الكبير: 59/ 1.
(2)
رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط من حديث ابن مسعود (مجمع الزوائد 191/ 8) وقد سبق تخريجه وفيه عمير، وهو أبو هارون القرشي متروك.
وقذف الأعراض، كما لا يجوز التمثيل (1) بأحد ولو من الأعداء أثناء الحرب أو بعد انتهائها، ويحرم التجويع والإظماء والنهب والسلب، لقوله تعالى:{ولقد كرَّمنا بني آدم، وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات وفضَّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً} [الإسراء:70/ 17].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم» (2)«المؤمن أعظم حرمة من الكعبة» (3)«ما شيء أكرم على الله يوم القيامة من ابن آدم» (4).
ولقد قرر فقهاؤنا أن الأصل في الناس حقن الدماء، فقال الحنفية:(الآدمي معصوم ليتمكن من حمل أعباء التكاليف وإباحة القتل عارض سمح به لدفع شره) وقال مالك: (لا ينبغي لمسلم أن يهريق دمه إلا في حق، ولا يهريق دماً إلا بحق)(5). وقال الحنابلة: (إن الأصل في الدماء الحظر إلا بيقين الإباحة)(6) وقال الشافعية (7): (قتل الآدمي عمداً بغير حق أكبر الكبائر بعد الكفر، وأما قتل الكفار فليس بمقصود حتى لو أمكن الهداية بإقامة الدليل بغير جهاد كان أولى من الجهاد).
(1) قال عليه الصلاة والسلام «ولاتمثلوا» رواه مسلم وأبو داود والترمذي من حديث بريدة (جامع الأصول: 201/ 3).
(2)
سبق تخريجه (مجمع الزوائد: 284/ 6).
(3)
رواه ابن ماجه بسند لين عن ابن عمر، ولابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى الكعبة فقال:«ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمسلم أعظم حرمة منك، قد حرم الله دمه وماله وعرضه، وأن يظن به ظن السوء» (كشف الخفا للعجلوني).
(4)
رواه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو، وهو حديث غريب جداً (تفسير ابن كثير: 52/ 3).
(5)
اختلاف الفقهاء للطبري ـ تحقيق شخت: ص 195.
(6)
القواعد لابن رجب: ص 338.
(7)
مغني المحتاج: 2/ 4 و 210 قال صلى الله عليه وسلم: «لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وما فيها» رواه أبو داود بإسناد صحيح.