الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستثناء لاغياً بالاتفاق، ويلزمه جميع ما أقر به قبل الاستثناء وهو عشرة دراهم؛ لأن هذا ليس باستثناء، وإنما هو رجوع عما تكلم به، والرجوع عن الإقرار في حقوق الناس لا يصح، فبطل الرجوع، وبقي الإقرار.
4 - الاستثناء من الاستثناء:
الاستثناء من الاستثناء يكون استثناء المستثنى، أي من الكلام الذي يليه، لكونه أقرب المذكور إليه، ثم ينظر إلى الباقي من المستثنى، فيستثنى من المستثنى منه، أي ما قبل (إلا) أو غيرها من أدوات الاستثناء، مثل أن يقول:(علي عشرة دراهم إلا ثلاثة إلا درهماً) يكون إقرار بثمانية؛ لأننا صرفنا الاستثناء الأخير إلى ما يليه، فبقي درهمان يستثنيان من العشرة، فيبقى ثمانية.
ولو قال: (لفلان علي عشرة دراهم إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهماً) يكون إقرراً بسبعة؛ لأنا جعلنا الدرهم مستثنى مما يليه، وهي ثلاثة، فبقي درهمان استثناها المقر من خسمة، فبقي ثلاثة استثناها من أصل المستثنى منه فبقي سبعة. وهكذا.
5 - الاستثناء من غير الجنس (أو الاستثناء المنقطع):
قال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا كان الاستثناء من غير جنس المستثنى منه ينظر: إن كان المستثنى مما لا يثبت ديناً في الذمة مثل: (لفلان علي عشرة دراهم إلا ثوباً) لا يصح الاستثناء؛ لأن المستثنى منه وهو العشرة دراهم ثبت بالإقرار ديناً في الذمة، وأما المستنثى وهو الثوب: فهوعين من الأعيان لا يحتمل الثبوت والالتزام به في الذمة، فلا يكون من جنس المستثنى منه، إذ لا مجانسة بين الثياب والدراهم، لا في الاسم ولا في احتمال الالتزام به في الذمة، فلا يتحقق معنى
الاستثناء أصلاً. ثم إنه لا يعرف قدر الثوب من الدراهم، فيكون المستثنى مجهولاً، وجهالة المستثنى توجب جهالة المستثنى منه، فلا يصح الاستثناء.
وأما إن كان المستثنى مما يثبت ديناً في الذمة وهو المكيل والموزون والعددي المتقارب كالجوز والبيض، بأن قال:(لفلان علي مئة درهم إلا ديناراً أو إلا قفيز حنطة) صح الاستثناء عند الشيخين من الحنفية، ويلزمه مئة درهم إلا قدر قيمة ما استثناه من الدينار أو القفيز؛ لأن المجانسة بين المستثنى والمستثنى منه شرط عندهما، والمجانسة بين الدينار والدرهم متحققة إذ أن كلاً منهما من جنس الأثمان التي تقدر بها قيم الأشياء، والمجانسة بين الدراهم والمكيل والموزون ونحوها متحققة أيضاً؛ لأن كلاً منها يمكن أن يثبت ديناً في الذمة حالاً مؤجلاً، وذلك إذا وصف المكيل أو الموزون، ويكفي تحقق المجانسة بهذا المعنى.
وقال محمد وزفر والحنابلة، لا يصح الاستثناء في الإقرار من غير الجنس مطلقاً، سواء أكان المستثنى ثوباً أم مكيلاً أم موزوناً؛ لأن معنى الاستثناء ـ وهو (إخراج بعض ما تناوله المستثنى منه على معنى أنه لولا الاستثناء لكان داخلاً تحت اللفظ) ـ لا يتصور في خلاف الجنس، فغير الجنس المذكور ليس بداخل في الكلام، فلا يكون استثناء.
وقال مالك والشافعي: يصح الاستثناء من غير جنس المستثنى منه، مثل (لفلان علي ألف من الدراهم إلا ثوباً) يعني إلا قدر قيمة ثوب؛ لأنه ورد في القرآن الكريم ولغة العرب، قال الله تعالى:{وإذ قلنا للملائكة: اسجدوا لآدم، فسجدوا إلا إبليس كان من الجن} [الكهف:18/ 50] وقال الله تعالى: {فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [الشعراء:77/ 26] وقال سبحانه: {ما لهم به من علم إلا اتباع الظن} [النساء:157/ 4] وقال الله عز وجل: {لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً} [مريم:62/ 19]