الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - معاونو القاضي:
يندب أن يكون للقاضي جلواز وهو المسمى بصاحب المجلس أي الحارس في عرفنا، وأن يكون له أعوان يستحضرون الخصوم ويمتثلون بين يديه إجلالاً له، ليكون المجلس مهيباً ويذعن المتمرد للحق، وأن يكون للقاضي ترجمان لجواز أن يحضر المحاكمة من لا يعرف القاضي لغته من المدعي والمدعى عليه والشهود.
وأن يتخذ القاضي كاتباً، لأنه يحتاج إلى حفظ الدعاوى والبينات والإقرارات، وقد يشق عليه الكتابة بنفسه، فيحتاج إلى كاتب يستعين به. وينبغي أن يكون الكاتب عفيفاً صالحاً من أهل الشهادة، وله معرفة بالفقه. وينبغي أن يقعد الكاتب حيث يرى القاضي ما يكتب وما يصنع؛
لأنه أقرب إلى الاحتياط (1)، وأن يخصص الكاتب سجلاً خاصاً بالدعوى، يذكر فيه موضوع الدعوى والمدعي والمدعى عليه، والشهود، ودفوع كل من الخصمين.
3 - فهم المنازعة:
ينبغي على القاضي أن يفهم الخصومة فهماً دقيقاً، فيجعل فهمه وسمعه وقلبه متجهاً كله إلى كلام الخصمين، لقول سيدنا عمر في فاتحة كتابه إلى أبي موسى الأشعري:«فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لانفاذ له» .
4 - صفاء القاضي وحالته النفسية:
يلزم ألا يكون القاضي قلقاً ضجراً مضطرباً وقت القضاء، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إياك والضجر والقلق» (2) وألا يكون غضبان باتفاق العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقضي القاضي وهو غضبان» (3)، ولقول سيدنا
(1) البدائع: 12/ 7، مختصر الطحاوي: ص 329.
(2)
ذكره السرخسي في المبسوط: 64/ 16.
(3)
رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة عن أبي بكر بلفظ: «لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان» وفي لفظ ابن ماجه: «لا يقضي» وفي لفظ آخر: «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان» (نيل الأوطار: 272/ 8 وما بعدها، مجمع الزوائد: 194/ 4، شرح مسلم: 15/ 12، تلخيص الحبير: 189/ 4، سبل السلام: 120/ 4).
عمر إلى أبي موسى: «إياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس، والتنكر لهم عند الخصومة، فإذا رأيت الخصم يتعمد الظلم، فأوجع رأسه» ولأن القاضي إذا غضب تغير عقله، ولم يستكمل رأيه وفكره.
وفي معنى الغضب: كل ما شغل النفس من الهم والنعاس والجوع المفرط والعطش المفرط، والتخمة، والخوف، والمرض، وشدة الحزن والسرور، ومدافعة الأخبثين، فينبغي ألا يكون القاضي مشغولاً بهذه العوارض العشرة، حتى لا تمنع الحاكم من إصابة الحق؛ لأنها تمنع استحضار القلب والعقل، واستجماع الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب، فهي في معنى الغضب المنصوص عليه، فتجري مجراه، قال عليه السلام: «لا يقضي القاضي وهو غضبان
مهموم، ولا مصاب، ولا يقضي وهو جائع» (1).
فإن حكم القاضي في الغضب وما شاكله لا ينفذ قضاؤه عند بعض الحنابلة؛ لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
وقال بعضهم وهو مذهب الشافعي والجمهور: ينفذ قضاؤه (2).
وإذا أخطأ القاضي في قضائه، كان خطؤه على المقضي له، وإن تعمد الخطأ بجور، كان الخطأ عليه (3).
(1) رواه أبو عوانة في صحيحه، وأخرج البيهقي والدارقطني والطبري بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً:«لايقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان» (مجمع الزوائد: 195/ 4، نيل الأوطار: 273/ 8، تلخيص الحبير، المرجع السابق).
(2)
المبسوط: 64/ 16، المغني: 49/ 9، مغني المحتاج: 391/ 4، البدائع: 9/ 7، بداية المجتهد: 462/ 2.
(3)
مجمع الضمانات: ص 364.