الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الأوزاعي والثوري وفقهاء الشام والمالكية على المشهور في مذهبهم: تؤخذ الجزية من كل كافر، سواء أكان من العرب أم من العجم، من أهل الكتاب، أم من عبدة الأصنام (1)، بدليل ما رواه سليمان بن بريدة عن أبيه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً» ثم قال: «
…
وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام
…
فإن هم أبوا فسلهم الجزية
…
» الحديث (2) فقوله صلى الله عليه وسلم: «عدوك» عام يشمل كل كافر، قال الشوكاني: هذا الحديث حجة في أن قبول الجزية لا يختص بأهل الكتاب.
الشرط الثاني: ألا يكون المعاهد مرتداً، لأن حكمه القتل إذا لم يتب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«من بدل دينه فاقتلوه» (3)، وهذ الشرط متفق عليه بين الفقهاء.
الشرط الثالث: أن يكون العقد مؤبداً: فإن أقت الصلح لم يصح العقد؛ لأن عقد الذمة بالنسبة لعصمة الإنسان في ماله ونفسه بديل عن الإسلام، والإسلام مؤبد، فكذا بديله وهو عقد الذمة. وهذا شرط متفق عليه أيضاً (4).
شروط المكلفين بالجزية:
يشترط لوجوب الجزية على أهل الذمة شروط:
(1) راجع آثار الحرب: ص 712 ومابعدها، الدر المختار: 293/ 3، تبيين الحقائق: 277/ 3.
(2)
أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها (راجع شرح مسلم: 37/ 12 ومابعدها).
(3)
رواه الجماعة إلا مسلماً، ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق (نصب الراية: 456/ 3، نيل الأوطار: 190/ 7، سبل السلام: 65/ 4).
(4)
راجع البدائع: 110/ 7 وما بعدها، آثار الحرب: ص 707، 713، فتح القدير: 371/ 4.
1 -
الأهلية من العقل والبلوغ: فلا تجب على الصبيان والمجانين؛ لأنهم ليسوا من أهل القتال.
2 -
الذكورة: فلا تجب على النساء؛ لأنهن أيضاً لسن من أهل القتال، والله سبحانه وتعالى أوجب الجزية على المقاتلين بقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر
…
} [التوبة:29/ 9] الآية، فالمقاتلة تقتضي المشاركة، يعني وقوع القتال من الطرفين.
3 -
الصحة والمقدرة المالية: فلا تجب على المريض مرضاً لمدة سنة أو أكثر السنة؛ لأن للأكثر حكم الكل، ولا تجب أيضاً على الفقير المتعطل عن العمل، ولا على الرهبان الذين لا يخالطون الناس.
4 -
السلامة من العاهات المزمنة، كالمرض المزمن والعمى والشيخوخة.
5 -
الحرية، فلا تجب الجزية على العبد، لأنه ليس مالكاً للمال.
وفي الجملة: اتفق الفقهاء على اشتراط البلوغ والحرية والذكورة، فلا جزية على امرأة ولا صبي ولا مجنون ولا معتوه ولا زمِن ولا أعمى ولا مفلوج ولا شيخ كبير؛ لأنها وجبت بدلاً عن القيام بقتال الأعداء، وهم لا يقاتلون لعدم الأهلية. ولا جزية على فقير غير معتمل (أي مكتسب ولو بالسؤال) لعدم الطاقة، ولا على الرهبان الذين لايخالطون الناس، إذ لا يقتلون، والأصل في الجزية لإسقاط القتل، ولا جزية على العبد بأنواعه.
وخالف الشافعية والحنابلة في الأرجح عندهم في الشرطين الثالث والرابع، فلم يجيزوا إسقاط الجزية بالأعذار (1).
(1) البدائع، المرجع السابق: ص 111، آثار الحرب: ص 699، تبيين الحقائق: 278/ 4، فتح القدير: 372/ 4، الكتاب مع اللباب: 145/ 4.