الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحة أقوى من حيث إنه صادف حالة إطلاق الحرية في التصرف. وإقرار المرض صادف حال الحجر والمنع من التبرعات، فهو متهم فيه من حيث إن الشرع قدرة التبرع، فلا يؤمن عدوله من التبرع إلى الإقرار (1).
المطلب السابع ـ الإقرار بالنسب:
يمكن الإقرار ببنوة طفل تصحيحاً لوضع سابق كزواج مكتوم، لا من زنى.
وهذا الإقرار بالنسب ـ أي القرابة ـ نوعان:
الأول: أن يلحق المقر النسب بنفسه.
الثاني: أن يلحقه بغيره. وإلحاق النسب بالغير قد يثبت النسب، وقد يقتصر فقط على المشاركة بالإرث دون ثبوت النسب.
وقد
اشترط الفقهاء شروطاً أربعة لصحة إقرار الإنسان بنسب على نفسه
، أي باستلحاق النسب من نفسه. وهي (2):
1ً - أن يكون المقر به مجهول النسب: فإن كان معروف النسب من غيره، لم يصح استلحاقه بالإقرار؛ لأن النسب الثابت من شخص لا ينتقل إلى غيره ولا يحتمل ثبوته له، ولأن المقر يقطع نسب المقر به الثابت من غيره. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه (3).
(1) تخريج الفروع على الأصول للزنجاني: ص 102 وما بعدها.
(2)
راجع البدائع: 228/ 7، تكملة فتح القدير: 14/ 7، الدرالمختار: 485، تبيين الحقائق: 27/ 5، اللباب: 86/ 2، الشرح الكبير: 412/ 3 - 414، مغني المحتاج: 259/ 2، المغني: 184/ 5.
(3)
رواه أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه بلفظ (من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة) ورواه الطبراني عن خارجة بن عمرو الجمحي، وفيه ضعيف، وأخرجه الشيخان أيضاً (الجامع الصغير: 162/ 2، وراجع مجمع الزوائد: 214/ 4، 285/ 6، مذكرة تفسير آيات الأحكام بالأزهر: 11/ 4).
2ً - أن يكون المقر به محتمل الثبوت من نسب المقر، فلا يكذبه الحس ظاهراً أو لا ينازعه فيه منازع، بأن يكون في سن يمكن أن يكون منه بحيث يولد مثله لمثله، فلو كان المقر به في سن لا يتصور كونه منه، أو كان المقر مقطوع الذكر والانثيين من زمن يتقدم على زمن بدء الحمل بالمقر به، لم يصح الإقرار بثبوت نسبه؛ لأن الحس يكذبه. وكذلك إذا نازع المقر منازع آخر غيره لم يثبت نسبه؛ لأنه إذا نازعه فيه غيره تعارض الإقراران، فلم يكن إلحاقه بأحدهما أولى من الآخر.
3ً - أن يصدق المقر له في إقراره إن كان أهلاً للتصديق بأن يكون مكلفاً، أي بالغاً عاقلاً عند الجمهور، أو يستطيع أن يعبر عن نفسه، أي يكون مميزاً عند الحنفية؛ لأن الولد له حق في نسبه، وهو أعرف به من غيره. فإن كان الولد صغيراً لا يعبر عن نفسه ـ بحسب رأي الحنفية ـ لم يعتبر تصديقه، لأنه بمنزلة المتاع.
وقال المالكية: ليس تصديق المقر به شرطاً لثبوت النسب من المقر؛ لأن النسب حق للولد على الأب، فيثبت بإقراره بدون توقف على تصديق من الولد إذا لم يقم دليلاً على تكذيب المقر.
4ً - ألا يكون فيه حمل النسب على الغير، سواء كذبه المقر له أم صدَّقه؛ لأن إقرار الإنسان حجة قاصرة على نفسه، لا على غيره؛ لأنه على غيره شهادة أودعوى، وشهادة الفرد فيما يطلع عليه الرجال غير مقبولة، والدعوى المفردة ليست بحجة.
وهذه الشروط تشترط أيضاً في الإقرار بنسب على الغير ما عدا الشرط الأخير بالطبع، فإنه لا يشترط عند الحنفية.
وقال الشافعية والحنابلة: يثبت النسب بالإقرار على الغير بالشروط السابقة،