الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
حكم الإقرار:
ظهور ما أقر به المقر، لا ثبوت الحق وإنشاؤه من أول الأمر، ولذا لا يصح الإقرار بالطلاق مع الإكراه، مع أن الإنشاء يصح مع الإكراه عند الحنفية، فمن أقر لغيره بمال، والمقر له يعلم أنه كاذب في إقراره لا يحل له أخذه عن كره منه فيما بينه وبين الله تعالى.
و
الإقرار حجة قاصرة على المقر
، لا يتعدى أثره إلى غيره، لقصور ولاية المقر على غيره، فيقتصر أثر الإقرار على المقر نفسه. والإقرار أيضاً سيد الأدلة؛ لانتفاء التهمة فيه (1)، والإقرار يثبت الملك في المخبر به.
وأما الشهادة فهي حجة مطلقة ثابتة في حق جميع الناس غير مقتصرة على المقضي عليه، لذا تسمى بالبينة لأنها مبينة يظهر بها الملك، وقال الحنفية: البينة أقوى من الإقرار.
المطلب الثاني ـ ألفاظ الإقرار:
الإقرار إما أن يكون بلفظ صريح أو بلفظ ضمني أو دلالة (2).
1 - الإقرار بلفظ صريح:
أن يقول إنسان: «لفلان علي ألف درهم» ؛ لأن كلمة (علي) كلمة تفيد الإيجاب والإلزام لغة وشرعاً، قال تعالى:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} [آل عمران:97/ 3].
أو يقول لرجل: (لي عليك ألف درهم) فقال الرجل: نعم، لأن كلمتي
(1) راجع المبسوط: 184/ 17 ومابعدها، تكملة فتح القدير: 279/ 6 وما بعدها، الدر المختار: 203/ 4، 467، اللباب: 76/ 2، مغني المحتاج: 238/ 2، المهذب: 343/ 2، المغني: 137/ 5، مجمع الضمانات: ص 364).
(2)
المبسوط: 15/ 18، البدائع: 207/ 7 وما بعدها، المغني: 200/ 5، تكملة فتح القدير: 296/ 6. اللباب: 78/ 2.
«نعم، وأجل» ونحوهما للتصديق، قال تعالى:{فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ قالوا: نعم} [الأعراف:44/ 7].
أو يقول: (لفلان في ذمتي ألف درهم)؛ لأن ما في الذمة هو الدين، فيكون إقراراً بالدين.
أو يقول: (لفلان قبلي ألف درهم) فهو إقرار بالدين على الأرجح؛ لأن القبالة هي الكفالة، قال الله سبحانه:{والملائكة قبيلاً} [الإسراء:92/ 17] أي كفيلاً. والكفالة هي الضمان. قال الله عز وجل: {وكفلَها زكريا} [آل عمران:37/ 3] على قراءة التخفيف: أي ضمن القيام بأمرها، أو يقول:(أليس لي عندك ألف درهم؟) قال: بلى، كان قراراً صحيحاً؛ لأن (بلى) جواب للسؤال بحرف النفي، قال تعالى:{ألست بربكم؟ قالوا: بلى} [الأعراف:172/ 7].
ولو قال رجل لآخر: (له في مالي ألف درهم) فهو إقرار له به في ماله. وهل يكون مضموناً أو أمانةً؟ اختلف مشايخ الحنفية فيه: فقال الجصاص: إنه يكون إقراراً بالشركة بينه وبينه، فيكون القدر المقر به عنده أمانة؛ لأنه جعل ماله ظرفاً للمقر به، وهو الألف فيقتضي ذلك الخلط بين ماليهما، وهو معنى الشركة.
وقال بعض مشايخ العراق: إن كان مال المقر محصوراً، أي محدداً في تجارة معينة، أو عمل معين، يكون إقراراً بالشركة، وإن لم يكن محصوراً يكون إقراراً بالدين.
والراجح كما في مختصر القدوري أنه يدل على الإقرار بالدين كيفما كان الأمر؛ لأن كلمة الظرف في مثل هذا تستعمل في الوجوب والالتزام، قال عليه الصلاة والسلام:«وفي الركاز الخمس» (1).
(1) أخرجه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة (راجع نصب الراية: 380/ 2).