الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني ـ انتهاء القتال بالأمان
الكلام عن الأمان ببيان ركنه وشروطه وحكمه وصفته وما يبطل به ومكانه ومدته والمصلحة فيه.
تعريف الأمان وركنه ونوعاه:
الأمن في اللغة: ضد الخوف، وفي اصطلاح الشرعيين كما عرفه الشافعية: عقد يفيد ترك القتل والقتال مع الحربيين. وركنه: اللفظ الدال على الأمان، نحو قول المجاهد: أمنتكم أو أنتم آمنون، أو أعطيتكم الأمان، ونحوها.
وهو إما عام أو خاص:
فالعام: ما يكون لجماعة غير محصورين كأهل ولاية، ولا يعقده إلا الإمام أو نائبه، كعقد الهدنة وعقد الذمة؛ لأن هذا العقد من المصالح العامة التي يختص الإمام بالنظر فيها.
والخاص: ما يكون للواحد أو لعدد محصور كعشرة فما دون. ولا يجوز لأكثر من ذلك كأهل بلدة كبيرة، لما فيه من افتئات على الإمام، وتعطيل للجهاد. وما نص عليه الحنفية من إعطاء الفرد حق تأمين أهل حصن أو مدينة لا دليل عليه؛ لأن الأحاديث الواردة في الأمان محصورة في حالات فردية معينة كما سنرى.
والعام: إما مؤقت وهو الهدنة، أو مؤبد وهو عقد الذمة (1).
شروط الأمان:
اشترط الحنفية لصحة الأمان شروطاً أربعة (2):
1 -
أن يكون المسلمون في حال ضعف، والكفار في حال القوة.
(1) آثار الحرب: ص 225 وما بعدها، 285 ومابعدها.
(2)
البدائع: 106/ 7، فتح القدير: 298/ 4، تبيين الحقائق: 247/ 3، الدر المختار: 249/ 3.
2 -
العقل: فلا يجوز أمان المجنون والصبي غير المميز؛ لأن العقل شرط في أهلية التصرف.
3 -
البلوغ وسلامة العقل عن الآفات المرضية.
4 -
الإسلام: فلا يصح أمان الكافر ولو ذمياً، وإن كان يقاتل مع المسلمين؛ لأنه متهم بالنسبة للمسلمين، فلا تؤمن خيانته، والأمان مبني على مراعاة مصلحة المسلمين، والكافر مشكوك في تقديره المصلحة.
ولا تشترط الحرية، فيصح أمان العبد عند الجمهور، ولم يجز أبو حنيفة أمان العبد المحجور عن القتال إلا أن يأذن له مولاه بالقتال؛ لأن الأمان عنده من جملة العقود، والعبد محجور عليه، فلا يصح عقده.
وقال الصاحبان: يصح أمان العبد، لأنه مؤمن ذو قوة وامتناع يتحقق منه الخوف، والأمان يكون بسبب الخوف.
وكذلك لا تشترط الذكورة، فيصح أمان المرأة لحديث:«إن المرأة لتأخذ للقوم، يعني تجير على المسلمين» (1) وحديث: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ» (2). ولا تشترط السلامة عن العمى والزمانة والمرض، فيصح أمان الأعمى والزمِن والمريض.
ولا يجوز أمان التاجر في دار الحرب، والأسير فيها، والحربي الذي أسلم هناك؛ لأن هؤلاء لا يستطيعون تقدير المصلحة في الأمان، ولأنهم متهمون في نظر المجاهدين لكونهم تحت سلطة العدو.
(1) رواه الترمذي عن أبي هريرة، وقال: حسن غريب (نيل الأوطار: 28/ 8).
(2)
حديث متفق عليه بين أحمد والشيخين عن أم هانئ (نيل الأوطار: 17/ 8).