الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب ـ مبدأ العدالة:
82 -
إن العدالة المطلقة في الإسلام مبدأ من مبادئ نظام الحكم الإسلامي، وأساس كل علاقة إنسانية سواء بين الأصدقاء أم الأعداء؛ لأن العدل قوام العالمين في الدنيا والآخرة، وبالعدل قامت السموات والأرض، والعدل أساس الملك، وأما الظلم فهو طريق خراب المدنيات وزوال السلطان، قال تعالى:{إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل:90/ 16] وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا» (1).
ومن أخص الحالات التي ينبغي فيها العدل: حالة الحكم والشهادة والقضاء بين الناس، وفي ميدان الحكم والإدارة وفرض الضرائب وجباية المال وصرفه في مصالح الناس (أي في الميدان الدستوري والإداري والمالي) وفي نطاق الأسرة والتربية والتعليم، وقال تعالى:{وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} [النساء:58/ 4]{ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى} [المائدة:8/ 5]{ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} [النساء:135/ 4].
جـ ـ الحرية:
83 -
الحرية: هي أعلى ما يشعر به المرء في هذا الوجود، فهي ملازمة لكرامته الإنسانية، وقد أقر الإسلام مبدأ الحرية في أعدل مظاهرها، قال عمر بن الخطاب لواليه عمرو بن العاص:(متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)(2) وأعلن القرآن حرية العقيدة وحرية الفكر وحرية القول.
(1) رواه مسلم والترمذي وابن ماجه عن أبي ذر الغفاري (الأربعين النووية).
(2)
سيرة عمر بن الخطاب للأستاذ الطنطاوي وأخيه: 240/ 1.
فمن أجل تقرير حرية الاعتقاد منع الإكراه على الدين: {لا إكره في الدين، قد تبين الرشد من الغي} [البقرة:256/ 2] وجعل قبول اعتناق الإسلام منوطاً بالاختيار الحر والاقتناع الذاتي بعد استخدام الفكر والعقل السليم وتجنب التقليد ومحاكاة الآخرين بدون حجة، عملاً بقوله تعالى:{أولم يتفكروا في أنفسهم} [الروم:8/ 30]{قل: انظروا ماذا في السموات والأرض} [يونس:101/ 10]{وما يذكّرُ إلا أولو الألباب} [آل عمران:3/ 7].
وتحريضاً على التفكير والنظر الطليق ندد الله سبحانه بالتقليد في العقائد وتعطيل العقول فقال: {وإذا قيل لهم: اتبعوا ما أنزل الله، قالوا: بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، أولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون} [البقرة:170/ 2]{أفلم يسيروا في الأرض، فتكون لهم قلوب يعقلون بها، أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} [الحج:46/ 22].
والنقد البناء ليس حقاً فقط، وإنما هو واجب ديني أحياناً لا سيما عند المساس بالمصالح العامة والأخلاق، قال صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (1) واعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصول الإسلام كما تقدم، وأن الشورى أساس الحكم والإدارة السياسية والحربية، وأن الاجتهاد في أمور الدنيا حق مطلق، وأما في القضايا الدينية فهو مقيد في حدود القرآن والسنة الصحيحة، يعني أن للفرد الحرية في الأمور الدنيوية بإبداء ما شاء من الآراء فيها، وأما الأمور ذات الصبغة الدينية (أو الشرعية) فلكل مجتهد ـ في غير موضع النص ـ أن يجتهد برأيه في حدود أصول الدين الكلية.
(1) رواه مسلم عن أبي رقية تميم بن أوس الداري (الأربعين النووية).