الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن صور التعاون في المجالات التي ذكرناها قيام أجزاء البلاد بتوحيد الجهد لإنشاء المشاريع الصناعية والإنتاجية والزراعية والمساهمة في تثقيف الجيل ومحو الجهل والأمية، وتنسيق الخطط الفنية والعلمية والسياسية إزاء مشكلة من المشكلات التي تمس مصالح المسلمين.
وفي أوقات الشدة والمحن تتعاون البلاد في رد العدوان ودفع الأخطار، وتسوية المنازعات وترميم الأحداث والتغلب على الكوارث الطبيعية والاقتصادية ونحو ذلك، ففي ماضي المسلمين كان تجهيز الجيوش وإمداد المقاتلة، يتم بالتعاون بين أقطار الإسلام، كما كان توزيع الغنائم شاملاً للمسلمين.
3 - دعم السلام العالمي:
78 ـ استأصل الإسلام جذور الأحقاد والعداوات البشرية، فقضى على الفوارق الجنسية (التجنس) والعصبية وتناحر الطبقات، وأحل محلها روح المحبة والإنسانية والتعاون والتسامح، كما أنه انتزع من فكرة القومية تلك (الأنانية) الطاغية التي من شأنها أن تخلق منافسة بين القوميات المتباينة (1)، وبالتالي نشوب حروب طاحنة بسبب التنازع على الاستئثار بخيرات الأرض. ثم دعا الإسلام بعدئذ، ليس إلى إقامة سلام عالمي فحسب، بل إلى تعايش ودي يدعم السلام، ويتجاوز حدود المسالمة إلى المودة والمصاهرة، والاشتراك في القرابات واختلاط الدماء، وإيجاد زمالة عالمية في ظل المبدأ الإنساني الرفيع: وهو اعتبار الجنس البشري من أب وأم واحدة، وأنهم أبناء أسرة واحدة ينبغي التراحم بين أفرادها، وشيوع الألفة والعدالة في أوساطها للعمل من أجل خير المجموع.
(1) نظام الحكم في الإسلام للدكتور عبد الله العربي: ص 56.
79 -
وهذا ما قرره القرآن الكريم بأجلى بيان في قوله سبحانه: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير} [الحجرات:13/ 49].
وتتوارد الآيات القرآنية في الدعوة إلى السلم ونبذ العدوان كما في قوله عز وجل: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها، وتوكل على الله} [الأنفال:61/ 8]{يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة، ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين} [البقرة:208/ 2]. {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام: لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا} [النساء:94/ 4]. {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السَّلَم، فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً} [النساء:4/ 90]{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين} [الممتحنة:8/ 60].
ويؤكد القرآن أن هذه الحقائق في حال النزاع، فينهى عن العدوان في قوله تعالى:{وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولاتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [البقرة:190/ 2] وفي هذا إشارة إلى تحريم العدوان والاقتصار على حدود الضرورة بالدفاع عن النفس (1).
وفي السنة النبوية تحديد واضح لغاية القتال، ومطالبة بالحرص على السلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» (2). «تألفوا الناس، وتأنوا بهم ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل بيت من مدر
(1) ر: للتفصيل في الموسوعة الفقهية جهاد.
(2)
رواه البخاري ومسلم وأحمد (شرح مسلم: 46/ 12، جامع الأصول: 185/ 3، منتخب كنز العمال من مسند أحمد: 323/ 2).