الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العودة إلى دار الدنيا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وإن له ما على الأرض من شيء، إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة» (1).
وعقد الرسول الكريم مقارنة دقيقة بين قتلى الحرب فقال (2): «القتلى ثلاثة رجال: رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل، ذلك الشهيد الممتحن، في خيمة الله تحت عرشه، لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة. ورجل مؤمن قَرَف (3) على نفسه من الخطايا، جاهد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل، فتلك مصمصة (4) محت ذنوبه وخطاياه، إن السيف محَّاء للخطايا، وأُدخل من أي أبواب الجنة شاء، فإن لها ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أسفل من بعض. ورجل منافق جاهد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل، فذلك في النار، إن السيف لا يمحو النفاق» (5).
فريضة الجهاد:
إن لم يكن النفير عاما ً:
فالجهاد فرض كفاية، ومعناه أنه يفترض على جميع من هو أهل للجهاد، لكن إذا قام به البعض سقط عن الباقين، لقوله عز وجل: {فضَّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة، وكلاًّ وعد الله
(1) رواه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه.
(2)
راجع كتاب الجهاد لعبد الله بن المبارك: ص30.
(3)
قرف الذنب واقترفه، إذا كسبه وعمله.
(4)
أي مطهرة من دنس الخطايا.
(5)
أخرجه من حديث عتبة بن عبد السلمي الدارمي، والطيالسي، وابن حبان والبيهقي وأحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح خلا أبا المثنى، المملوكي وهو ثقة.
الحسنى} [النساء:95/ 4] الله سبحانه وعد الحسنى كلاًّ من المجاهدين والقاعدين عن الجهاد، ولو كان الجهاد فرض عين لما وعد القاعدين الحسنى؛ لأن القعود يكون حراماً.
وقوله سبحانه: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين} [التوبة:122/ 9] الآية، ولأن المقصود من الجهاد ـ وهو الدعوة إلى الإسلام، وإعلاء الدين الحق، ودفع شر الكفرة وقهرهم ـ يحصل بقيام البعض به، فإذا قاموا به يسقط عن الباقين.
وإن ضعفوا عن مقاومة الكفرة، فعلى من يجاورهم من المسلمين، الأقرب، فالأقرب: أن يجاهدوا معهم وأن يمدوهم بالسلاح والمال.
ولا يجوز للمرأة الاشتراك في الجهاد إلا بإذن زوجها؛ لأن القيام بحقوق الزوجية فرض عين، كما لا يجوز الجهاد للولد بدون إذن أبويه أو أحدهما إذا كان الآخر ميتاً؛ لأن بر الوالدين فرض عين، فيكون مقدماً على فرض الكفاية.
وأقل الجهاد عند توافر القوة مرة في السنة كإحياء الكعبة، ولقوله تعالى:{أوَ لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين} [التوبة:126/ 9] قال مجاهد: نزلت في الجهاد ولفعله صلى الله عليه وسلم منذ أمر به.
وكان الجهاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض كفاية، لقوله تعالى:{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} ـ إلى قوله تعالى - {وكلاً وعد الله الحسنى} [النساء:4/ 95] ففاضل سبحانه وتعالى بين المهاجرين والقاعدين، ووعد كلاً الحسنى، والعاصي لا يوعد بها، ولا يفاضل بين مأجور ومأزور. وأما بعد النبي صلى الله عليه وسلم فللكفار حالان: