الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادساً ـ الكفاية الجسدية:
وهي سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان ليصح معها مباشرة ما يدرك بها. وسلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض (1).
فإن طرأ نقص على بدن الإمام مما يخل بهذا الشرط، فقد بحث الماوردي ـ مؤسس القانون الدستوري والإداري في الإسلام أثر ذلك على استدامة الإمامة مما لا نجد له مثيلاً عند غيره، فقال: ينقسم النقص ثلاثة أقسام (2):
أحدها ـ نقص الحواس. والثاني ـ نقص الأعضاء. والثالث ـ نقص التصرف.
أـ فأما نقص الحواس فينقسم ثلاثة أقسام: قسم يمنع من الإمامة، وقسم لا يمنع، وقسم مختلف فيه: فأما القسم المانع منها فشيئان: أحدهما ـ زوال العقل، والثاني ـ ذهاب البصر. وأما القسم الثاني من الحواس التي لا يؤثر فقدها في الإمامة فشيئان أحدهما ـ الخشم في الأنف الذي لا يدرك به شم الروائح. والثاني ـ فقد الذوق الذي يفرق به بين الطعوم، فلا يؤثر هذ في عقد الإمامة؛ لأنهما يؤثران في اللذة، ولا يؤثران في الرأي والعمل.
وأما القسم الثالث من الحواس المختلف فيه فشيئان: الصمم والخرس: فيمنعان من ابتداء عقد الإمامة؛ لأن كمال الأوصاف بوجودهما مفقود. واختلف في الخروج بهما من الإمامة، فقالت طائفة: يخرج بهما منها، كما يخرج بذهاب البصر لتأثيرهما في التدبير والعمل، وهو أصح المذاهب.
وقالت طائفة: لا يخرج بهما من الإمامة لقيام الإشارة مقامهما.
(1) المراجع السابقة.
(2)
انظر التفصيل في الأحكام السلطانية: ص 16 - 19، مقدمة ابن خلدون: الفصل 26، ص161.
وقال آخرون: إن كان يحسن الكتابة لم يخرج بهما من الإمامة، وإن كان لا يحسنها خرج من الإمامة بهما؛ لأن الكتابة مفهومة، والإشارة موهومة.
ب ـ وأما فقد الأعضاء فينقسم أربعة أقسام:
أحدها ـ ما لا يؤثر على الترشيح للإمامة ولا على استدامتها: وهو ما لا يؤثر فقده في رأي ولا عمل ولا نهوض ولا يشين في المنظر، مثل قطع الذكر والأنثيين وقطع الأذنين.
الثاني ـ ما يمنع من عقد الإمامة ومن استدامتها: وهو ما يمنع من العمل كذهاب اليدين، أو من النهوض كذهاب الرجلين.
الثالث ـ ما يمنع من عقد الإمامة، واختلف في أثره على استدامتها: وهو ما ذهب به بعض العمل أو فقد به بعض النهوض كذهاب إحدى اليدين أو إحدى الرِّجلين، فذلك يمنع الترشيح للإمامة. وأما استدامتها ففي إنهاء ولايته مذهبان: أحدهما: تنتهي إمامته، والثاني لا تنتهي.
الرابع ـ ما لا يمنع من استدامة الإمامة، واختلف في أثره على صلاحية الترشيح، وهو ما يؤدي إلى تشويه الجسد، ولكن لا يؤثر في عمل ولا في نهضة كجدع الأنف وسمل إحدى العينين. فذلك لا يؤثر على بقائه في الإمامة. واختلف في منعه من الترشيح لها على مذهبين: أحدهما يمنع، والآخر لا يمنع.
جـ ـ وأما نقص التصرف فنوعان: حجر وقهر.
فأما الحجر: فهو أن يستولي عليه من أعوانه من يستبد بتنفيذ الأمور من غير تظاهر بمعصية ولا مجاهرة بمشاقة، فلا يمنع صحة ولايته، ولكن ينظر في أفعال المتسلط على أموره، فإن وافقت أحكام الشرع والعدل أقر عليها، وإن خالفت أحكام الدين ومقتضى العدل، لم يقر عليها ووجب تنحية المتسلط.