الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا ولجميع المسلمين في كل قطر (1)، فهي تقوم على أساس الشورى أو الانتخاب، ويلتزم فيها تطبيق شريعة الإسلام، وتسود فيها مبادئ المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع، مهما اختلفت الأجناس والألوان، وتباينت الأقدار، وتتوخى تطبيق العدالة بحق، وتوفر لأبنائها الحرية الكافية في القول والرأي والنقد في ظل من القيم الخلقية الأصيلة (2).
والحاكم ليس هو صاحب السيادة، وإنما الأمة والشريعة معاً هما صاحبا السيادة في الدولة الإسلامية (3).
وهذا كله من الناحيتين النظرية والعملية قابل للتطبيق في الوقت الحاضر كما طبق في عصر صدر الإسلام، بشرط أن يتوافر لدى الناس الاستعداد الكافي وحسن التفهم والإدراك العقلي والتجريبي، مع مراعاة وسائل التطبيق الزمنية، إذ أن من مبادئ الفقه الإسلامي المرونة ومراعاة المصالح، وقابلية التطور في الأحكام الفقهية الاجتهادية، ودفع الضرر، وإقامة العدل ومنع العدوان. وبالتزام هذه المبادئ يتيسر على الناس اختيار شكل الحكم الذي يحقق تلك الأهداف دون تقيد بتسمية معينة كنظام الخلافة، وذلك عملاً بمبدأ نفي الحرج في الإسلام.
3 - هل يوجب الإسلام إقامة دولة
؟ 10 ـ الإسلام نظام ديني ومدني متكامل، ويتلازم وجود المسلمين مع قيام
(1) ليس صحيحاً أن نظام الخلافة والإجماع الأصولي ضرباً من المحال كما توهم بعض رجال القانون وذلك بدليل وقوعهما بالفعل (قارن الدكتور متولي: ص 548).
(2)
راجع نظام الحكم في الإسلام للدكتور عبد الله العربي: ص 48 وما بعدها.
(3)
النظريات السياسية الإسلامية للدكتور ضياء الدين الريس: ص 340.
الدولة، ومن أهم أركان كل دولة كما أشرت سابقاً وجود سلطة عامة سياسية عليا يخضع لهاجميع الأفراد المكونين للجماعة (1).
لذلك نرى الأكثرية الساحقة من علماء الإسلام (وهم أهل السنة والمرجئة والشيعة والمعتزلة إلا قليلاً منهم، والخوارج ما عدا النجدات) تقرر وجوب إقامة حكومة عليا (أو إمارة أو دولة أو إمامة). والمراد بالوجوب هنا هو المعروف في علم أصول الفقه المرادف عند جمهور العلماء لمعنى الفرضية، وقد قال العلماء فعلاً: إن الإمامة فرض كفاية (2).
قال ابن تيمية: يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لاتتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة (3).
وقال ابن حزم: (اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل
(1) النظم السياسية للدكتور ثروت بدوي: 33/ 1.
(2)
مغني المحتاج: 129/ 4، شرح المواقف للجرجاني: 346/ 8، شرح العقائد النسفية للتفتازاني: ص142 وما بعدها، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين للأشعري: 133/ 2، حجة الله البالغة للدهلوي: 110/ 2، أصول الدين للبغدادي: ص 271 وما بعدها، ط استانبول، الأحكام السلطانية للماوردي: ص 3، ولأبي يعلى: ص 3، نيل الأوطار: 256/ 8، مقدمة ابن خلدون: ص 191 وما بعدها، الحسبة لابن تيمية: ص 4 - 7، السياسة الشرعية لابن تيمية: ص 161، النظريات السياسية الإسلامية للريس: ص 144،إكليل الكرامة في مقاصد الإمامة لصديق حسن خان: ص 7 وما بعدها.
(3)
السياسة الشرعية له، المكان السابق.
يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاشا النجدات، فإنهم قالوا: لا يلزم الناس فرض الإمامة وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم (1).إلا أن هؤلاء الموجبين للإمامة فريقان: قال أكثر الأشعرية، والمعتزلة، والعترة؛ إنها تجب شرعاً، لأن الإمام يقوم بأمور شرعية. وقال الشيعة الإمامية: تجب الإمامة عقلاً فقط للحاجة إلى زعيم يمنع التظالم ويفصل بين الناس في التنازع والتخاصم، ولولا الولاة لكان الأمر فوضى.
وقال الجاحظ والبلخي والكعبي وأبو الحسن الخياط والحسن البصري: تجب الإمامة عقلاً وشرعاً.
وشذ جماعة (وهم المُحكِّمة الأولى والنجدات من الخوارج، وضرار، وأبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم المعتزلي وهشام الفُوطَي) فقالوا بجواز الإمامة وأنها لا تجب، قال الأصم: لو تكافَّ الناس عن التظالم لاستغنوا عن الإمام.
واستدل كل فريق على رأيه بأدلة مطولة لا مجال هنا لذكرها (2).
(1) الفصل في الملل والنحل: 87/ 4، وانظر المحلى: 438/ 9، م/1768 ومراتب الإجماع: ص124.
(2)
ر: للتفصيل إمامة ـ الإمامة الكبرى. وقد سبق إيراد هذه الأدلة في فصل: نظام الحكم في الإسلام.