الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كفيتم هذا الوجه، فلما ظهر أن رسول الله (ص) قد وصل إلى المدينة جعل سراقة يقص على الناس ما رأى وشاهد) (1).
أهمية الهجرة في تاريخ الدعوة:
وهكذا لم تكن الهجرة في الحس الإسلامي مجرد نجاة من عدو، أو هروب من محنة، لقد كانت الهجرة فاتحة تاريخ جديد، وكانت بالنسبة للمسلمين في الأرض، ابتداء وجودهم وتاريخهم، فصار التاريخ الهجري، المبتدىء في هجرة الرسول (ص) هو سمة هذه الأمة، على مدار القرون، وبه ومن خلاله تعرف.
يقول ابن كثير رحمه الله:
(اتفق الصحابة رضي الله عنهم في سنة ستة عشر - وقبل سبع عشرة، أو ثماني عشرة - في الدولة العمرية على جعل ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وذلك أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رفع إليه صك - أي حجة - لرجل على آخر، وفيه أنه يحل عليه في شعبان، فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها، أو السنة الماضية، أو الآتية؟ ثم جمع الصحابة، فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك.
فقال قائل: أرخوا كتاريخ الفرس، فكره ذلك، وكان الفرس يؤرخون بملوكهم واحدا بعد واحد.
(1) البداية والنهاية لابن كثير 204/ 3.
وقال قائل: أرخوا بتاريخ الروم، وكانوا يؤرخون بملك اسكندر المقدوني، فكره ذلك.
وقال آخرون: أرخوا بمولد الرسول (ص).
وقال آخرون: بل بمبعثه.
وقال آخرون: بل بهجرته.
وقال آخرون: بل بوفاته .. فمال عمر رضي الله عنه إلى التاريخ بالهجرة لظهوره واشتهاره واتفقوا على ذلك) (1).
وكما ذكرنا عن البخاري رحمه الله عن سهل بن سعد (ما عدوا من مبعث النبي (ص) ولا من وفاته ما عدوا إلا من مقدمه المدينة).
ويقول السهيلي رحمه الله بصدد حديثه عن قول الله عز وجل {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم ..} (2).
(وفي قوله سبحانه {من أول يوم} وقد علم أنه ليس أول الأيام كلها، ولا إضافة إلى شيء في اللفظ.
الظاهر فيه من الفقه صحة ما اتفق عليه الصحابة مع عمر رضي الله عنهم حيث شاورهم في التاريخ، فاتفق رأيهم أن يكون التاريخ من عام الهجرة، لأنه الوقت الذي عز فيه الإسلام، والذي أمر فيه النبي (ص) وأسس المساجد، وعبد الله آمنا كما يجب، فوافق رأيهم هذا ظاهر التنزيل، وفهمنا الآن
(1) البداية والنهاية لابن كثير 3/ 226.
(2)
التوبة من الآية 108.