الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العشر بقتال الباقين لشق عليهم، ولهذا لما بايع أهل يثرب ليلة العقبة رسول الله (ص) وكانوا نيفا وثمانين قالوا: يا رسول الله ألا نميل على أهل الوادي - يعنون أهل منى - ليالي منى فنقتلهم؟ فقال رسول الله (ص): ((إني لم أؤمر بهذا)) فلما بغى المشركون، وأخرجوا النبي (ص) من بين أظهرهم وهموا بقتله، وشردوا أصحابه شذر مذر، فذهب منهم طائفة إلى الحبشة، وآخرون إلى المدينة. فلما استقروا بالمدينة، وافاهم رسول الله (ص) واجتمعوا عليه، وقاموا بنصره، وصارت لهم دار إسلام ومعقلا يلجؤون إليه، شرع الله جهاد الأعداء، فكانت هذه الآية أول ما نزل في ذلك) (1).
وهكذا نرى كل الروايات تضافرت لتؤكد أن الإذن بالجهاد إنما كان في هذه الآية، ونزلت في مقدم رسول الله (ص) المدينة، ولم تكن العقبة التي أطلق عليها بيعة الحرب إلا إيذانا بذلك.
ثالثا: أهمية الجهاد في الإسلام:
نضع الجهاد في الإسلام حيث وضعه الله تعالى ورسوله.
{
…
ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} (2).
{
…
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز
(1) تفسير ابن كثير سورة الحج 8/ 4 649،64.
(2)
البقرة من الآية 251.
الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} (1).
((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد)) (2).
فالفساد في الأرض قائم ما لم يكن الجهاد. والآية الثانية تفسر هذا الفساد، بأنه منع ذكر الله في الأرض، وهدم بيوت العبادة والطاعة لله في الأرض، واجتثاث هذه العقيدة من الناس، ليكون الحكم للطواغيت، فلا يعبد الله في الأرض.
((اللهم إن تلك هذه العصابة، فإن شئت أن لا تعبد في الأرض)) (3).
هذا من الناحية السلبية، ولا يكفي أن يكون الجهاد فقط هو أن يسمح بذكر الله، وأن يسمح بحرية العبادة، وأن يسمح بحرية القول.
هناك هدف أبعد هو إقامة شريعة الله في الأرض، وتنفيذ منهجه فيها بحيث تكون الحاكمية له وحده في هذا الوجود. {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} (4)
والتمكين في الأرض يرافقه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر {وعدا الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا} (5).
(1) الحج 40، 41.
(2)
الترمذي ك. الإيمان 8 وابن ماجة ك. الفتن 12 والإمام أحمد 5/ 221 وغيرها.
(3)
مسلم ك. الجهاد والسير 1763.
(4)
الزخرف من الآية 84.
(5)
النور من الآية 55.
فلا بد من الاستخلاف في الأرض، والتمكين فيها للذين آمنو وعملوا الصالحات، وهذا لا يتم إلا عن طريق الجهاد.
((فالجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ي (1).
و ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)) (2).
إن الجهاد في الإسلام هو الأداة الوحيدة للتمكين في الأرض {لقد أرسلنا رسلنا بالبييات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ..} .
وحتى يتحقق هذا الهدف الذي من أجله أنزل الكتاب، ليحقق القسط والعدل بين الناس، لابد من الوسيلة الرئيسية له ألا وهي السلاح والجهاد .. {ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز} (3).
((
…
ما ترك قوم الجهاد، إلا عمهم الله بعذاب)) (4).
والحديث هو منطوق الآية الكريمة التي تدعو إلى الجهاد، وتحذر من التخلف عنه.
(1) أبو داود ك. الجهاد 15 ب. في الغزو مع أئمة الجور 33 ح 2532 ج 3 ص 18.
(2)
مسلم ك. الإجارة 33 ب. لا تزال طائفة (52، 53) ح 1920 ج 3.
(3)
الحديد 25.
(4)
مجمع الزوائد 5/ 284 وقال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه علي بن سعيد الرازي، قال الدارقطني ليس بذاك. وقال الذهبي روى عنه الناس.
{إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير} (1).
أما أجر المجاهد وثوابه، فكما يقول عليه الصلاة والسلام عن أبي سعيد الخدري:((يا أبا سعيد من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وجبت له الجنة)) فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها علي يا رسول الله!
ففعل. ثم قال: ((وأخرى يرفع العبد بها مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض)) قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله .. الجهاد في سبيل الله)) (2). رابعا: الفرق بين الجهاد في الإسلام وحروب البشرية الأخرى:
الله تعالى يقول: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا) (3).
وندع الحديث لسيد رحمه الله يبين لنا هذا الفرق:
(
…
وفي لمسة واحدة يقف الناس على مفرق الطريق، وفي لحظة ترتسم الأهداف، وتتضح الخطوط، وينقسم الناس إلى فريقين اثنين، تحت رايتين متميزتين:
(1) التوبة 39.
(2)
مسلم ك. الإمارة 33 ب. ما أعد الله للمجاهد 32031 ج 4 ص 1501 ح 1884.
(3)
النساء 76.
{الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله} ، {والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت} .
الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، لتحقيق منهجه. وإقرار شريعته، وإقامة العدل بين الناس باسم الله، لا تحت أي عنوان آخر، اعترافا بأن الله وحده هو الإله، ومن ثم فهو الحاكم.
والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، لتحقيق مناهج شتى - غير منهج الله - وإقرار شرائع شتى - غير شريعة الله - وإقامة قيم شتى - غير التي أذن بها الله - ونصب موازين شتى - غير ميزان الله -! ويقف الذين آمنوا مستندين إلى حماية الله ورعايته. ويقف الذين كفروا مستندين إلى ولاية الشيطان بشتى راياتهم، وشتى مناهجهم، وشتى شرائعهم، وشتى طرائقهم، وشتى قيمهم، وشتى موازينهم، فكلهم أولياء الشيطان.
ويأمر الله الذين آمنوا أن يقاتلوا أولياء الشيطان، ولا يخشوا مكرهم ولا مكر الشيطان:{فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} .
وهكذا يقف المسلمون على أرض صلبة، مسندين ظهورهم إلى ركن شديد، مقتنعي الوجدان بأنهم يخوضون معركة لله، ليس لأنفسهم منها نصيب، ولا لذواتهم منها حظ، وليست لقومهم، ولا لجنسهم، ولا لقرابتهم وعشيرتهم منها شيء .. إنما هي لله وحده، ولمنهجه وشريعته، وأنهم يواجهون قوما أهل باطل يقاتلون لتغليب الباطل على الحق، لأنهم يقاتلون لتغليب مناهج البشر الجاهلية - وكل مناهج البشر جاهلية - على شريعة منهح الله، ولتغليب
شرائع البشر الجاهلية - وكل مناهج البشر جاهلية - على الله، وتغليب ظلم البشر - وكل حكم للبشر من دون الله ظلم - على عدل الله، الذي هم مأمورون أن يحكموا به بين الناس، كذلك يخوضون المعركة وهم يوقنون أن الله وليهم فيها، وأنهم يواجهون قوما الشيطان وليهم، فهم إذن ضعاف، إن كيد الشيطان كان ضعيفا.
ومن هنا يتقرر مصير المعركة في حس المؤمنين، وتتحدد نهايتها قبل أن يدخلوها، وسواء بعد ذلك استشهد المؤمن في المعركة - فهو واثق النتيجة - أم بقي حتى غلب، ورأى بعينيه النصر، فهو واثق من الأجر العظيم.
من هذا التصور الحقيقي للأمر في كلتا حالتيه، انبعثت تلك الخوارق الكثيرة التي حفظها تاريخ الجهاد في سبيل الله في حياة الجماعة المسلمة الأولى، والتي تناثرت على مدى التاريخ في أجيال كثيرة، وما بنا أن نضرب لها هنا الأمثال، فهي كثيرة مشهورة (1). ومن هذا التصور كان ذلك المد الإسلامي العجيب، في أقصر فترة عرفت في التاريخ، فقد كان هذا التصور جانبا من جوانب التفوق الذي حققه المنهج الرباني للجماعة المسلمة على المعسكرات المعادية ..) (2).
لقد حدد رسول الله (ص) مفهوم الجهاد في سبيل الله بحيث يقطع أي
(1) ما يشهده جهاد المسلمين الأفغان في صراعهم ضد الكفر ودولته العظمى روسيا، وما تبدو فيه من كرامات وانتصارات أذهلت العالم على ضعف المجاهدين وقلة إمكاناتهم المادية دليل واضح على ذلك.
(2)
في ظلال القرآن (سورة النساء) م 2 ج 5 ص 709، 710.
اجتهاد في هذا المجال.
(فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رجلا أعرابيا أتى النبي (ص) فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه .. فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله (ص):((من قاتل لتكون كلمة الله أعلى فهو في سبيل الله)) (1).
وفي رواية: (سئل رسول الله (ص) عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله (ص):((من قاتل لتكون كلمة الله هي العيا فهو في سبيل الله)) (2).
(إنه لا يقاتل للاستيلاء على الأرض، ولا للاستيلاء على المكان .. ولا يقاتل ليجد الخامات للصناعات والأسواق للمنتجات، أو لرؤوس الأموال يستثمرها في المسعمرات وشبه المستعمرات!
إنه لا يقاتل لمجد شخص، ولا لمجد بيت، ولا لمجد طبقة، ولا لمجد دولة، ولا لمجد أمة، ولا لمجد جنس .. إنما يقاتل في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله في الأرض، ولتمكين منهجه من تصريف الحياة، ولتمتيع البشرية بخيرات هذا المنهج، وعدله المطلق بين الناس مع ترك كل فرد حرا في اختيار العقيدة التي يقتنع بها في ظل هذا المنهج الرباني الإنساني الإسلامي العام) (3).
ولا بد من لفتة هنا إلى التصور الإسلامي للبلد والأرض والوطن: إن هذه
(1) و (2) مسلم ك. الإمارة 33 ب. من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا 42 ج 3 ص 1512، 1513 ح 1904.
(3)
في ظلال القرآن (سورة النساء) ج 5 ص 707.
القرية (الظالم أهلها) التي يعدها الإسلام - في موضعها ذاك - دار حرب، يجب أن يقاتل المسلمون لاستنقاذ المسلمين المستضعفين منها، هي (مكة) وطن المهاجرين الذين يدعون هذه الدعوة الحارة إلى قتال المشركين فيها، ويدعو المسلمون المستضعفون هذه الدعوة الحادة للخروج منه.
إن كونها بلدهم لم يغير وضعها في نظام الإسلام - حين لم تقم فيها شريعة الله ومنهجه، وحين فتن فيها المؤمنون عن دينهم، وعذبوا في عقيدتهم، بل اعتبرب بالنسبة لهم هم أنفسهم (دار حرب)، هم لا يدافعون عنها، وليس هذا فحسب بل هم يحاربونها لإنقاذ إخوانهم المسلمين منها، إن راية المسلم التي يحامي عنها عقيدته، ووطنه الذي يجاهد من أجله هو البلد الذي تقام شريعة الله فيه، وأرضه التي يدفع عنها هي (دار الإسلام) التي تتخذ المنهج الإسلامي منهجا للحياة، لكل تصور آخر هو تصور غير إسلامي تنضح به الجاهليات، ولا يعرفه الإسلام) (1).
ويبقى الحديث عن آثار هذا الجهاد في الأرض، الجهاد المرتبط بالعقيدة وللعقيدة، التي يعرف من خلالها الفرق الواقعي بينه، وبين حروب الأرض، يقدمها سيد رحمه الله في كلمات قلائل تحمل أعمق الدلائل على هذا الجهاد.
يقول رحمه الله:
(
…
لقد كان التفوق الحقيقي للمجتمع المسلم على المجتمعات الجاهلية من حوله، بما فيها مجتمع اليهود القائم في قلب المدينة، هو تفوقه في البناء الروحي، والخلق الاجتماعي والتنظيمي، بفضل المنهج القرآني الرباني قبل أن يكون تفوقا عسكريا أو اقتصاديا أو ماديا على العموم!
(1) المصدر نفسه ص 708.
بل هو لم يكن قط تفوقا عسكريا واقتصاديا - ماديا - فقد كان أعداء المعسكر الإسلامي دائما أكثر عددا وأقوى عدة، وأغنى مالا، وأوفر مقدرات مادية على العموم! سواء في داخل الجزيرة العربية، أو في خارجها، في زمن الفتوحات الكبرى بعد ذلك، ولكن التفوق الحقيقي كان في ذلك البناء الروحي والخلقي والاجتماعي، ومن ثم السياسي والقيادي، الذي أسسه الإسلام بمنهجه الرباني المتفرد.
وبهذا التفوق الساحق على الجاهلية في بنائها الروحي والخلقي والاجتماعي، ومن ثم السياسي والقيادي، اجتاح الإسلام الجاهلية، اجتاحها أولا في الجزيرة العربية، واجتاحها ثانيا في الامبرطوريتين العظيمتين الممتدتين حوله: امبرطوريتي كسرى وقيصر، ثم بعد ذلك في جوانب الأرض الأخرى، سواء كان معه جيش وسيف، أم كان معه مصحف وأذان.
ولولا هذا التفوق الساحق ما وقعت تلك الخارقة التي لم يعرف لها التاريخ نظيرا، حتى في الاكتشافات العسكرية التايخية الشهيرة، كزحف التتار في التاريخ القديم، وزحف الجيوش الهتلرية في التاريخ الحديث، ذلك أنه لم يكن اكتساحا عسكريا فحسب، بل كان اكتساحا عقيديا ثقافيا حضاريا كذلك! يتجلى فيه التفوق الساحق الذي يطوي - من غير إكراه - عقائد الشعوب ولغاتها وتقاليدها وعاداتها، الأمر الذي لا نظير له على الإطلاق في أي اكتساح عسكري آخر، قديما وحديثا.
لقد كان تفوقا (إنسانيا) كاملا، تفوقا في كل خصائص الإنسانية ومقوماتها، كان ميلادا آخر للإنسان، ميلاد إنسان جديد غير الذي تعرفه الأرض على وجه اليقين والتأكيد، ومن ثم صبغ البلاد التي غمرها هذا المد بصيغته، وترك عليها طابعه الخاص. وطغى هذا المد على روسب الحضارات
التي عاشت عشرات القرون من قبل في بعض البلاد، كالحضار الفرعونية في مصر، وحضار البابليين والآشوريين في العراق، وحضارة الفينيقيين والسريان في الشام، لأنه كان أعمق جذورا في الفطرة البشرية، وأوسع مجالا في النفس الإنسانية، وأضخم قواعد، وأشمل اتجاهات في حياة بني الإنسان، من كل تلك الحضارات.
وغلبة اللغة الإسلامية واستقرارها في البلاد ظاهرة عجيبة، لم تستوف ما تستحقه من البحث والدراسة والتأمل. وهي في نظري أعجب من غلبة العقيدة واستقرارها، إذ أن اللغة من العمق في الكينونة البشرية ومن التشابك مع الحياة الاجتماعية، بحيث يعد تغييرها على هذا النحو معجزة كاملة، وليس الأمر في هذا أمر (اللغة العربية) فاللغة العربية كانت قائمة، ولكنها لم تصنع هذه المعجزة في أي مكان على ظهر الأرض - قبل الإسلام - ومن ثم سميتها - اللغة الإسلامية - فالقوة الجديدة التي تولدت في اللغة العربية، وأظهرت هذه المعجزة على يديها كانت هي - الإسلام - قطعا!
وكذلك اتجهت العبقريات الكامنة في البلاد المفتوحة (المفتوحة للحرية والنور والطلاقة) اتجهت إلى التعبير عن ذاتها - لا بلغاتها الأصلية - ولكن باللغة الجديدة، لغة هذا الدين، اللغة الإسلامية، وأنتجت بهذه اللغة في كل حقل من حقول الثقافة نتاجا تبدو فيه الأصالة، ولا يلوح عليه الاحتباس من معاناة التعبير في لغة غريبة - غير اللغة الأم - لقد أصبحت اللغة الإسلامية هي اللغة الأم فعلا لهذه العبقريات، ذلك أن الرصيد الذي حملته هذه اللغة كان من الضخامة أولا، ومن ملاصقة الفطرة ثانيا، بحيث كان أقرب إلى النفوس، وأعمق فيها، من ثقافاتها القديمة، ومن لغاتها القديمة أيضا) (1).
(1) في ظلال القرآن (سورة النساء) 23 ج 5 ص 673، 674.