الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس والثلاثون
وفاته صلى الله عليه وسلم. وبيعة الصديق
توفي رسول الله (ص) بعد أن أتم الله نعمته وأكمل دينه.
{.. اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ..} (1).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس. فقال له عبد الرحمن بن عوف إن لنا أبناء مثله. فقال: إنه من حيث تعلم. فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية: {إذا جاء نصر الله والفتح} فقال: أجل رسول الله (ص) أعلمه إياه. فقال: ما أعلم منها إلا ما تعلم). (2)
فقد بلغ الأمانة، وأدى الرسالة. ونصح الأمة. وها نحن نشهد اللحظات الأخيرة من حياته (ص).
(عن أسماء بنت عميس قالت: أول ما اشتكى رسول الله (ص) في بيت ميمونة. فاشتد مرضه حتى أغمي عليه. فتشاور نساؤه في لده (3) فلدوه. فلما أفاق قال: هذا فعل نساء جئن من هؤلاء، وأشار إلى أرض الحبشة. وكانت أسماء بنت عميس فيهن. قالوا: كنا نتهم بك
(1) المائدة / 5.
(2)
البخاري 6 / ب. مرض النبي (ص) / ص 10.
(3)
لده ولدوه: سقوه الدواء وهو مغمى عليه.
ذات الجنب يا رسول الله. قال: إن ذلك لداء ما كان الله ليقذفني به. لا يبقين في البيت أحد إلا التد. إلا عم رسول الله (ص) - يعنى عباسا. قال: فلقد التدت ميمونة يومئذ وإنها لصائمة. لعزيمة رسول الله (ص)) (1).
وعن عائشة قالت: أول ما اشتكى رسول الله (ص) في بيت ميمونة. فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له. فخرج ويد له على الفضل بن عباس ويد أخرى على يد رجل آخر، وهو يخط برجليه في الأرض). وكانت عائشة تحدث أن رسول الله (ص) لما دخل بيتي، واشتد به وجعه قال: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن. لعلي أعهد إلى الناس. فأجلسناه في مخضب لحفصة زوج النبي (ص)، ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب حتى طفق يشير إلينا بيده أن قد فعلتن. قالت: ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم) (2). فقال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))) وقال: ((لا تتخذوا قبري وثنا يعبد))) (3).
وكان هذا يوم الأربعاء قبل الوفاة بخمسة أيام.
وعرض نفسه للقصاص قائلا: من كنت جلدت له ظهرا
(1) المغازي / 130 عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام رجاله رجال الصحيح.
(2)
فتح الباري 8/ 141 وفي رواية ابن أبي مليكة عن عائشة أن دخوله بيتها كان يوم الإثنين. ومات يوم الإثنين الذي يليه.
(3)
موطأ الإمام مالك ص 65.
فليستقدمنه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه))). ثم نزل فصلى الظهر، ثم رجع فجلس على المنبر، وعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها فقال رجل: إن لي عندك ثلاثة دراهم. فقال: ((اعطه يا فضل))) ثم أوصى بالأنصار قائلا: ((أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم)) وفي رواية قال: ((إن الناس يكثرون، وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه. فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم))) (1).
ثم قال: إن عبدا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده).
قال أبو سعيد الخدري: فبكى أبو بكر. قال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له، فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ. يخبر رسول الله (ص) عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا، وبين ما عنده وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. وكان أبو بكر أعلمنا) (2).
ثم قال: إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا. ولكن أخوة الإسلام ومودته. لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب
(1) صحيح البخاري ج 5/ ص 43.
(2)
متفق عليه، مشكاة المصابيح 2/ 546.