المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث والثلاثونأزواج النبي (ص) - فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان

[منير الغضبان]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي البحث

- ‌أولامباحث تمهيدية

- ‌الفصل الأولمعنى السيرة النبوية وأهميتها

- ‌تعريف بالسيرة النبوية:

- ‌أهمية السيرة النبوية:

- ‌دراسة السيرة عبادة:

- ‌مصادر السيرة:

- ‌أولا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيا كتب السنة:

- ‌ثالثا: كتب السير والتراجم:

- ‌رابعا: كتب الدلائل والشمائل والمعجزات والخصائص:

- ‌خامسا: كتب التاريخ والأدب:

- ‌مدى عناية المسلمين بها:

- ‌وكلمة عن ابن هشام وعمله في سيرة ابن إسحاق:

- ‌السيرة النبوية خلال القرون:

- ‌الفصل الثانيالنبوة

- ‌حاجة البشر إلى الأنبياء:

- ‌حاجتهم إلى خاتم الأنبياء:

- ‌الإيمان هو الأصل والشرك طارئ:

- ‌النبوة اجتباء من الله تعالى واصطفاء:

- ‌الفصل الثالثلمحة عن‌‌ أصل العرب وعقيدتهم

- ‌ أصل العرب وعقيدتهم

- ‌طروء الشرك عليهم:

- ‌عناية الإسلام بسد ذرائع الشرك:

- ‌الفصل الرابعنبذة عن حياة العرب

- ‌أصول العرب:

- ‌ العرب البائدة:

- ‌ العرب العاربة:

- ‌ العرب العدنانية:

- ‌الحالة الدينية:

- ‌الطواغيت:

- ‌الحالة السياسية:

- ‌ الملك باليمن:

- ‌الملك بالحيرة

- ‌الملك بالشام:

- ‌الإمارة بالحجاز:

- ‌الحياة الاجتماعية والخلقية:

- ‌الحالة الاقتصادية:

- ‌الحالة الخلقية:

- ‌محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

- ‌الفصل الخامساختياره من بيت شرف ونسب

- ‌الفصل السادسيتم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رضاعه صلى الله عليه وسلم:

- ‌الفصل السابععمله ب‌‌الرعيوالتجارة

- ‌الرعي

- ‌التجارة:

- ‌الفصل الثامنحفظ الله تعالى لنبيه قبل البعثة

- ‌لقاؤه مع بحيرا الراهب:

- ‌أمره بستر عورته:

- ‌أمر الجاهلية:

- ‌وقوفه بعرفات:

- ‌الفصل التاسعمشاركته في أحداث قومه

- ‌حضوره حرب الفجار

- ‌شهوده حلف الفضول:

- ‌بناء الكعبة والتحكيم:

- ‌الفصل العاشرزواجه من خديجة

- ‌العهد المكي للدعوة

- ‌الفصل الحادي عشرالوحي

- ‌الفصل الثاني عشرمراحل الدعوة

- ‌الفصل الثالث عشرمن أسلوب المخالفين في مواجهة الدعوة

- ‌أولا: التشويه:

- ‌ثانيا: التهديد:

- ‌ثالثا: التعذيب:

- ‌رابعا: الترغيب:

- ‌ المال:

- ‌ الجاه:

- ‌ النساء:

- ‌خامسا: التعجيز:

- ‌سادسا: الاغتيال:

- ‌سابعا: المقاطعة:

- ‌الفصل الرابع عشرسنة الله تعالى في الابتلاء

- ‌ تزكية الفرد:

- ‌ نفي الخبث عن الدعوة:

- ‌ الدعاية لها:

- ‌ جذب بعض العناصر القوية إليها:

- ‌وجوب الصبر على الابتلاء

- ‌الفصل الخامس عشرالاستفادة من قيم الجاهلية

- ‌الفصل السادس عشروطن الداعية حيث مصلحة الدعوة

- ‌الهجرة إلى الحبشة:

- ‌قريش تحاول إعادة المهاجرين إليها:

- ‌تخطيط ذكي جديد:

- ‌مؤامرة جديدة تتحطم:

- ‌ثانيا: عرض رسول الله (ص) نفسه على ثقيف

- ‌ثالثا: عرض نفسه على القبائل

- ‌بنو شيبان:

- ‌الفصل السابع عشرالإسراء والمعراج ودلالتهما

- ‌حديث الإسراء

- ‌حديث المعراج

- ‌الفصل الثامن عشرالهجرة إلى المدينة

- ‌أولا: أسبابها:

- ‌ثانيا: التخطيط لها وأهميتها في تاريخ الدعوة:

- ‌ تهيئة الركب:

- ‌ شراء البعيرين وعلفهما:

- ‌ جاء في نحر الظهيرة:

- ‌ مجيئه مقنعا:

- ‌ الأمر بإخراج الناس من البيت:

- ‌ تهيئة الزاد:

- ‌ الخروج من خوخة أبي بكر:

- ‌ كتمان الأمر:

- ‌ الخروج إلى الغار:

- ‌ عبد الله يتلقط الأخبار:

- ‌ عامر بن فهيرة يعفو على الأثر:

- ‌ ابن فهيرة وغنمه للزاد كذ

- ‌ رسول الله (ص) لا يبيت على فراشه:

- ‌ مبيت علي رضي الله عنه في الفراش:

- ‌ اختيار الدليل المناسب:

- ‌ اختيار طريق الساحل:

- ‌ الهادي على الطريق:

- ‌ حيلة أسماء في المال:

- ‌أهمية الهجرة في تاريخ الدعوة:

- ‌ثالثا: دور الشباب والمرأة في الهجرة:

- ‌العهد المدني للدعوة

- ‌الفصل التاسع عشرتنظيم المجتمع النبوي

- ‌أولا: بناء المسجد:

- ‌ثانيا: المؤاخاة:

- ‌ثالثا: وثيقة المدينة (الدستور الإسلامي):

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني

- ‌الباب الثالث

- ‌ دستور الدولة الإسلامية الجديدة

- ‌ الباب الأول: حقوق وواجبات المسلمين في الدولة المسلمة:

- ‌ الباب الثاني: حقوق وواجبات غير المسلمين في الدولة المسلمة

- ‌ الباب الثالث: أحكام عامة للمواطنين عامة:

- ‌الفصل العشرونالإذن في الجهاد

- ‌أولا: مرحلة كف اليد:

- ‌ثانيا: الإذن في الجهاد:

- ‌ثالثا: أهمية الجهاد في الإسلام:

- ‌الفصل الحادي والعشرونأهم السرايا والغزوات

- ‌أولا: الإحصاء الإجمالي:

- ‌ثانيا: سرية عبد الله بن جحش:

- ‌الفصل الثاني والعشرونغزوة بدر

- ‌أولا: أسباب الغزوة وأهدافها:

- ‌ثانيا: الاستشارة التي غيرت وجه المعركة:

- ‌ثالثا: استقصاء المعلومات عن العدو:

- ‌رابعا: من أحداث الغزوة:

- ‌خامسا: أهمية الغزوة:

- ‌سادسا: آثارها:

- ‌الفصل الثالث والعشرونغزوة أحد

- ‌أسباب الغزوة:

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌قوانين النصر والهزيمة:

- ‌التمحيص في أحد:

- ‌النماذج الإيمانية الرائعة:

- ‌القيادة النبوية العظيمة:

- ‌آثار المعركة:

- ‌ من حيث موقف المسلمين في المدينة:

- ‌ من حيث جرأة العرب على المؤمنين:

- ‌ من حيث الموقف مع قريش:

- ‌كيف عالج القرآن أثر المحنة

- ‌الفصل الرابع والعشرونغزوة الخندق

- ‌أسباب الغزوة:

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌الفصل الخامس والعشرونغزوة الحديبية

- ‌أحداث الحديبية:

- ‌الفصل السادس والعشرونغزوة خيبر

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل السابع والعشرونغزوة مؤتة

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الثامن والعشرونفتح مكة

- ‌ أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل التاسع والعشرونغزوة حنين

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الثلاثونغزوة تبوك

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الحادي والثلاثونمواقف المنافقين من الدعوة

- ‌ النفاق في مكة:

- ‌ بداية التجمع:

- ‌ دورهم في غزوة بني قينقاع:

- ‌ دورهم في غزوة أحد

- ‌ تآمرهم مع بني النضير

- ‌ المنافقون يوم الأحزاب

- ‌ الفريق الأول:

- ‌ الفريق الثاني:

- ‌ الفريق الثالث:

- ‌ المنافقون يوم بني المصطلق

- ‌ بعد الحديبية وفتح مكة

- ‌الفصل الثاني والثلاثونمواقف اليهود من الدعاة

- ‌ الموقف الديني:

- ‌ المواقف السياسية

- ‌المواقف العسكرية

- ‌الفصل الثالث والثلاثونأزواج النبي (ص)

- ‌المرحلة الأولى: حتى الخامسة والعشرين:

- ‌ عنف صبوة الشباب وتأجج العاطفة

- ‌المرحلة الثانية: حتى الخمسين من عمره

- ‌ زواجه من خديجة رضي الله عنها

- ‌المرحلة الثالثة: حتى الخامسة والخمسون من العمر

- ‌ الزواج بعائشة وسودة

- ‌المرحلة الرابعة: من الخامسة والخمسين حتى الستين

- ‌بقية نسائه

- ‌(أ) حفصة بنت عمر رضي الله عنها:

- ‌(ب) زينب بنت خزيمة

- ‌(ج) أم سلمة:

- ‌(د) زينب بنت جحش:

- ‌(هـ) أم حبيبة بنت أبي سفيان

- ‌(و) جويرية بنت الحارث:

- ‌(ز) ريحانة بنت زيد:

- ‌(ح) صفية بنت حيي:

- ‌(ط) مارية القبطية:

- ‌(ي) ميمونة بنت الحارث:

- ‌المرحلة الخامسة: من الستين إلى الثالثة والستين

- ‌لم يتزوج فيها رسول الله

- ‌خاتمة

- ‌الفصل الرابع والثلاثونعالمية الدعوة: أدلتها ومظاهرها من السيرة

- ‌ كتب رسول الله (ص) إلى كل ملوك الأرض

- ‌ كتاب هرقل عظيم الروم:

- ‌ كتاب كسرى عظيم الفرس

- ‌ الكتاب إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ الكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ بقية الكتب:

- ‌الفصل الخامس والثلاثونأخلاقه صلى الله عليه وسلم

- ‌وجوب محبته ومن لوازم محبته اتباعه:

- ‌نماذج من تربيته (ص) لأصحابه:

- ‌الفصل السادس والثلاثونوفاته صلى الله عليه وسلم. وبيعة الصديق

- ‌قبل أربعة أيام: يوم الخميس:

- ‌قبل ثلاثة أيام: يوم الجمعة:

- ‌قبل يوم واحد:

- ‌آخر يوم من الحياة:

- ‌اللحظات الأخيرة:

- ‌جهاز رسول الله (ص) ودفنه

- ‌تكفين رسول الله:

- ‌حفر القبر:

- ‌الصلاة على رسول الله ثم دفنه:

- ‌الفصل السابع والثلاثونبيعة الصديق وحروب الردة

- ‌الانقلاب على العقب:

- ‌إنفاذ جيش أسامة:

- ‌مانعو الزكاة:

- ‌ الكتاب الذي وجهه الصديق إلى هؤلاء المردة المرتدين

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم:

- ‌ثبت المراجع والمصادر

- ‌المحتوى

الفصل: ‌الفصل الثالث والثلاثونأزواج النبي (ص)

‌الفصل الثالث والثلاثون

أزواج النبي (ص)

يقول جل شأنه:

{يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج، وكان الله غغورا رحيما ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا} (1).

من خلال هذه الآيات الكريمة نفقه المعاني التالية:

1 -

سيد ولد آدم، وعبد الله ورسوله محمد (ص) والذي اجتمعت به الكمالات البشرية. له وضعه الذي يناسبه مع النساء كما يقرر القرآن

(1) الأحزاب / 50 - 52.

ص: 643

ذلك. فلابد من الانعتاق من الحيز المحدود الذي نفكر فيه. إلي الآفاق العليا التي قررها رب السماوات والأرض لنبيه ومصطفاه في هذا الوجود.

فيما يحل له من النساء. بما يتناسب مع ما أعده الله له من الرسالة، وما يتناسب مع فضله وعظمته وكماله.

2 -

ومن هذا المنطلق كانت النماذج المباحة لرسول الله (ص) من النساء ثلاثة:

(أ) أزواجه اللاتي آتاهن أجورهن (1).

قال ابن أبي حاتم: تزوج رسول الله (ص) ثلاث عشر امرأة: ستا من قريش خديجة وعائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة. وثلاثا من بني عامر بن صعصعة وامرأتين منهما من بني هلال بن عامر، ميمونة بنت الحارث وزينب أم المساكين .. وزينب بنت جحش الأسدية. (2).

(ب) ما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك.

وليست مقيدة بقيد.

(ج) وبنات عمك وبنات عماتك، وبنات خالك وبنات خالاتك.

وقيدهن أن يكن هاجرن مع رسول الله (ص){اللاتي هاجرن معك}

(د) وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي.

ولا شرط في الواهبة إلا قبولها من رسول الله (ص). {إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين.}

(1) أي مهورهن.

(2)

اختلفت الآراء في اللاتي تزوجهن رسول الله (ص) والظاهر أن الثلاثة من بني عامر بن صعصعة. وفي هذه الحال تضاف لهن هفية وجويرية رضي الله عنها. والمرأة الكندية التي استعاذت من رسول الله (ص) والمرأة التي اختارت الدنيا من بني بكر بن كلاب. كما أوردهن ابن أبي حاتم في الرواية المذكورة (تفسير ابن كثير ج 5 ص 482).

ص: 644

فهو عليه الصلاة والسلام من دون المؤمنين لا يجب عليه للواهبة شيء ولو دخل بها لأن له أن يتزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود (ولهذا قال قتادة: ليس لامرأة تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي (ص).) (1)

3 -

وكما نرى، فالآفاق واسعة من رب هذا الكون لنبيه محمد (ص). في موضوع الزواج. والسبب الرئيسي في هذا الإطلاق كما ذكر الله تعالى في كتابه:

لكيلا يكون عليك حرج.

فهو مناط الثقة من ربه. فالأبواب مشرعة له فيما يراه من رأي ويقتضيه من موقف. {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما} . (2)

4 -

هذا من حيث الإباحة في الزواج. ومن حيث التعامل. فهو مصطفى الحكيم الخبير.

والله أعلم حيث يجعل رسالته.

{ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك} (3).

إنها المشيئة الربانية. التي أعطت للمشيئة النبوية هذه الآماد والآفاق في التعامل مع نسائه اللاتي تزوجهن.

قال عامر الشعبي في قوله تعالى {ترجي من تشاء منهن} الآية، كن

(1) تفسير ابن كثير 5/ 483 - 484.

(2)

الأحزاب /50.

(3)

الأحزاب / 51.

ص: 645

نساء وهبن أنفسهن لنبي (ص). فدخل يعضهن وأرجأ بعضهن لم ينكحن بعده. منهن أم شريك.

وقال آخرون: بل المراد بقوله {ترجي من تشاء منهن} الآية، أي من أزواجك لا حرج عليك أن تترك القسم لهن، فتقدم من شئت، وتؤخر من شئت، وتجامع من شئت، وتترك من شئت، هكذا يروى عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأبي رزبن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم ومع هذا كان النبي (ص) يقسم لهن. ولهذا ذهب طائفة من فقهاء الشافعية وغيرهم إلى أنه لم يكن واجبا عليه (ص)، واحتجوا بهذه الآية الكريمة) (1).

فالنبي (ص) وحكمته في الإرجاء والإيواء، ومن يبتغيها بعد عزلها.

ليست موطن مناقشة. ومن أجل ذلك كانت مشيئته هي الميزان في هذا الأمر. ولم تعط لأي بشر غيره. على أي من التفسيرين السابقين كان.

5 -

ومن إكرام رسول الله (ص) كان إكرام نسائه. فهنا سبب آخر لهذه المشيئة النبوية هي عواطف نسائه:

{ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن} . (2).

(قال البخاري: عن عائشة أن رسول الله (ص) كان يستأذن في اليوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية {ترجي من تشاء ..} فقلت لها: ما كنت تقولين؟ فقالت: كنت أقول: إن كان ذلك لي فإني لا

(1). تفسير ابن كثير 5/ 484 - 485.

(2)

الأحزاب / 51.

ص: 646

أريد يا رسول الله أن أؤثر عليك أحدا). فهذا الحديث عنها يدل على أن المراد من ذلك عدم وجود القسم وحديثها الأول (1) يقتضي أن الآية نزلت في الواهبات.

ومن ها هنا اختار ابن جرير أن الآية عامة في الواهبات، وفي النساء اللاتي عنده أنه مخير فيهن، إن شاء قسم وإن شاء لم يقسم. وهذا الذي اختاره حسن جيد قوي. وفيه جمع بين الأحاديث. ولهذا قال تعالى:{ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن} الآية. أي إذا علمن أن الله تعالى قد وضع عنك الحرج في القسم فإن شئت قسمت وإن شئت لم تقسم. لا جناح عليك في أي ذلك فعلت، ثم مع هذا أن تقسم لهن اختيارا منك. لا أنه على سبيل الوجوب، فرحن بذلك واستبشرن به. وحملن جميلك في ذلك، واعترفن بمنتك عليهم في قسمتك لهن وتسويتك بينهن، وإنصافك لهن، وعدلك فيهن) (2).

6 -

وأكرم الله تعالى نساء نبيه محمد (ص) لاختيارهن إياه والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها. أن قصره عليهن.

{لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا} (3).

(1) الحديث الأول كما رواه الإمام أحمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغير من النساء اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله (ص). قالت: ألا تستحي المرأة أن تعرض نفسها بغير صداق؟ فأنزل الله عز وجل {ترجي من تشاء ..} الآية. قالت: إني أرى ربك يسارع لك في هواك.

(2)

تفسير ابن كثير 5/ 486.

(3)

الأحزاب /52.

ص: 647

(ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس ومجاهد

أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي (ص)، ورضا منهن على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة لما خيرهن رسول الله كما تقدم في الآية (1). فلما اخترن رسول الله (ص). كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن. وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن. ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حرج عليه فيهن.) (2).

7 -

وتحقق المعنى المقصود من هذا القصر جزاء ومثوبة على اختيارهن لرسول الله (ص). لكن هذا القصر كان مؤقتا. وعادت الإباحة للنبي (ص).

قال الإمام أحمد: عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مات رسول الله (ص) حتى أحل الله له النساء. ورواه أيضا من حديث ابن جريج عن عطاء عن عبيد الله بن عمير عن عائشة ورواه الترمذي والنسائي في سننهما. وقال ابن أبي حاتم عن

أم سلمة أنها قالت: لم يمت رسول الله (ص) حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم، وذلك قول الله تعالى {ترجي من تشاء منهن} الآية.

فجعلت هذه ناسخة للتي بعدها في التلاوة. كآيتي عدة الوفاة في البقرة. الأولى ناسخة للتي بعدها. والله أعلم.

ثم إن الله تعالى رفع عنه الحرج في ذلك ونسخ حكم هذه الآية

ص: 648