الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه)) فخرجنا إليها إرسالا حتى اجتمعنا بها) (1).
الهجرة إلى الحبشة:
وكان أول من هاجر صهر رسول الله (ص) وابنته.
فعن أنس بن مالك قال:
خرج عثمان بن عفان ومعه امرأته رقية بنت نرسول الله (ص)، إلى أرض الحبشة فأبطأ على رسول الله (ص) خبرهما، فقدمت امرأة من قريش، فقالت: يا محمد قد رأيت ختنك ومعه امرأته، قال:((على أي حال رأيتهما؟)) قالت: رأيته قد حمل امرأته على حمار من هذه الدبابة، وهو يسوقها، فقال رسول الله (ص):((صحبهما الله، إن عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط عيه السلام))) (2). قال ابن إسحاق:
وكان أول من خرج من المسلمين من بني أمية بن عبد شمس عثمان بن عفان
(1) البداية والنهاية لابن كثير 79/ 3، وهي كما قال ابن كثير: وأما رواية أم سلمة فقد قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة. فرجاله رجال الصحيح، وابن إسحاق قد حدث عن رواته ولم يدلس.
(2)
البداية والنهاية لابن كثير 73/ 3، وقد رواه البيهقي كما رواه الطبراني وقال الهيثمي فيه الحسن بن زياد البرجمي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات 81،80/ 9.
معه امرأته رقية بنت رسول الله (ص).
ومن بني عبد شمس: أبو حذيفة بن عتبة، معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي.
ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي، الزبير بن العوام بن خويلد.
ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير. ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف.
ومن بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد، ومعه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة.
ومن بني جمح عثمان بن مظعون.
ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف آل الخطاب، من عنز بن وائل، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة.
ومن بني عامر بن لؤي أبو سبرة بن أبي رهم.
ومن بني الحارث بن فهر سهيل بن بيضاء.
فكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة: وكان عليهم عثمان بن مظعون فيما ذكر لي بعض أهل العلم) (1).
والملاحظ في هذه الطليعة الأولى من المهاجرين أنها من أكرم البيوتات المكية وأعرقها. ولعل رسول الله (ص) أراد أن يرتاد المكان هناك، ويعرف إمكانية الإقامة لجنده في الحبشة، ومن أجل هذا كان بينهم خيرة أصحابه؛ فثلاثة من المبشرين بالجنة كانوا بين هؤلاء العشرة، وهم عثمان بن عفان، والزبير
(1) السيرة النبوية لابن هشام 322/ 1، 323.
بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف. وليس فيهم من الموالي أو العبيد أو المغمورين أحد.
وعندما كانت الأخبار تفد بحسن المقام، وطيب الجوار، توافد المسلمون أرسالا حتى بلغوا ثلاثة وثمانين رجلا واثنتي عشرة أمرأة.
ويمكن القول أن جل أصحاب رسول الله (ص) قد مضى إلى الحبشة، فعندما أسلم عمر رضي الله عنه بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة كان عدد المسلمين أربعين في رواية وفي الروية الأخرى سبعين. ولم تكن هجرة من هاجر إلى الحبشة مقصورة على الفرار من الفتنة فقط، بل صحبها محاولة إقامة قاعدة صلبة للدعوة هناك تحميهم. وحيث أن الحماية ليست متوفرة في مكة إلا لنفر محدود، ولم تعد مكة أرضا آمنة لها، فلا بد من البحث عن موقع آخر يمكن أن يكون عاصمة ثانية لها.
يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله:
(ولقد سبق الاتجاه إلى يثرب، لتكون قاعدة للدعوة الجديدة
…
سبقها الاتجاه إلى الحبشة حيث هاجر إليها كثير من المؤمنين الأوائل. والقول بأنهم هاجروا لمجرد النجاة بأنفسهم لا يستند إلى قرائن قوية. فلو كان الأمر كذلك، لهاجر إذن أقل الناس جاها وقوة ومنعة من المسلمين، غير أن الأمر كان على الضد من هذا، فالموالي المستضعفون الذين كان ينصب عليهم معظم الاضطهاد والتعذيب والفتنة لم يهاجروا، إنما هاجر رجال ذوو عصبيات، لهم من عصبيتهم - في بيئة قبلية - ما يعصمهم من الأذى، ويحميهم من الفتنة؛ وكان عدد القرشيين يؤلف غالبية المهاجرين، منهم جعفر بن أبي طالب، (وأبوه
وفتيان بني هاشم معه الذين كانوا يحمون النبي (ص)) ومنهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة المخزومي، وعثمان بن عفان الأموي
…
وغيرهم.
وهاجرت نساء كذلك من أوساط البيوت الكبيرة في قريش، وأبناؤها الكرام المكرمون، يهاجرون بعقيدتهم، فرارا من الجاهلية، تاركين وراءهم كل وشائج القربى، في بيئة قبلية تهزها هذه الهجرة على هذا النحو هزا عنيفا، وبخاصة حين يكون من بين المهاجرين مثل أم حبيبة، بنت أبي سفيان زعيم الجاهلية، وأكبر المتصدين لحرب العقيدة الجديدة وصاحبها .. ولكن مثل هذه الأسباب، لا ينفي احتمال أن تكون الهجرة إلى الحبشة أحد الاتجاهات المتكررة في البحث عن قاعدة حرة، أو آمنة على الأقل للدعوة الجديدة .. وبخاصة حين نضيف إلى هذا الاستنتاج ما ورد عن إسلام نجاشي الحبشة، ذلك الإسلام الذي لم يمنعه من إشهار إلا ثورة البطارقة عليه، كما ورد في روايات صحيحة) (1).
ونستطيع أن نتأكد من هذه المعاني من خلال المقابلة العظيمة التي تمت بين جعفر والنجاشي بعد المحاولة الضخمة التي قامت بها قريش لتحطيم هذه القاعدة الآمنة الجديدة.
قال ابن إسحاق:
ثم خرج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وتابع المسلمون حتى
(1) في ظلال القرآن م 1 ج 29/ 1.