الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مانعو الزكاة:
قال القاسم بن محمد: اجتمعت أسد وغطفان وطيء على طليحة الأسدي. وبعثوا وفودا إلى المدينة. فنزلوا على وجوه الناس. فأنزلوهم إلى العباس. فحملوا بهم إلى أبي بكر. على أن يقيموا الصلاة ولا يؤتوا الزكاة فعزم الله لأبي بكر على الحق. وقال: لو منعوني عقالا لجاهدتهم. فردهم فرجعوا إلى عشائرهم فأخبروهم بقلة أهل المدينة، وطمعوهم فيها. فجعل أبو بكر الحرس على انقاب المدينة. وألزم أهل المدينة بحضور المسجد. وقال: إن الأرض كافرة. وقد رأى وفدهم منكم قلة. وإنكم لا تدرون أليلا يأتون أم نهارا؟ وأدناهم منكم على بريد. وقد كان القوم يؤملون أن نقبل منهم ونوادعهم، وقد أبينا عليهم. فاستعدوا وأعدوا. فما لبثوا ثلاثا حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل. وخلفهم بذي حسى حتى ليكونوا ردءا لهم. وأرسل الحرس إلى أبي بكر يخبرونه بالغارة. فبعث إليهم أن الزموا مكانكم) .. (وبات أبو بكر رضي الله عنه قائما ليله يعبىء الناس ثم خرج على تعبئة في آخر الليل .. فما طلع الفجر إلا وهم والعدو في صعيد واحد. فما سمعوا للمسلمين حسا ولا همسا حتى وضعوا فيهم السيوف، فما طلعت الشمس حتى ولوهم الأدبار .. وغلبوهم على عامة ظهرهم. وقتل جبال. واتبعهم أبو بكر حتى نزل بذي القصة. وكان أول الفتح، وذل بها المشركون، وعز بها المسلمون .. ورجع أبو بكر إلى المدينة مؤيدا منصورا، سالما غانما. وطرقت المدينة في الليل صدقات عدي بن حاتم وصفوان والزبرقان وذلك على رأس ستين ليلة من متوفى رسول الله (ص)(1).
(1) البداية والنهاية / 6/ 352 - 353.
يقول أبو هريرة رضي الله عنه: لما توفي رسول الله (ص)، وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه. كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله (ص). أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله. فقال:
والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله (ص) لقاتلتهم على منعها. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه حتى عرفت أنه الحق.) (1).
لقد عامل الصديق رضي الله عنه مانع الزكاة كالمرتد تماما عن الإسلام. وذلك في وجوب قتاله. فإنكار شريعة من شرائع الإسلام هي كفر به وإنكار لجميع شرائعه. فكل هذا من عند الله. وإنكار فريضة أو أمر ونهي جاء في كتاب الله وسنة رسوله. مما يعلم بالدين بالضرورة هو خروج عن الإسلام. وكان فقه أبي بكر رضي الله عنه في عدم التفريق بين الصلاة والزكاة. وأنه سيقاتل مانع الزكاة لو منع عناقا كان يؤديها لرسول الله (ص). هو الذي شرح الله له صدر عمر، وصدر المسلمين معه. فمضى الجيل الرباني الأول. جيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. الجيل الذي رباه رسول الله (ص) على عينه ورعاه بفلذة قلبه ونياط كبده مضى هذا الجيل حريصا على الأمانة. حفيظا على العهد. لا يبخل بمال ولا دم. ومضت كتائب الإسلام على رأسها أحد عشر أميرا. تلاحق المرتدين ومانعي الزكاة في أوكارهم، وحصونهم، وتزلزل بهم
(1) البخاري / م 1 / ج 2 / ب. وجوب الزكاة / ص 131.